الخبرة الوجدانية ودورها في حياتنا النفسية
أمل محي الدين الكردي
19-09-2018 04:25 PM
ليس البشر مجرد عقول تفكر ،وإرادات تعمل بل هم أيضا قلوب تخفق ،وافئدة تنبض وقد أعتاد الناس أن يقيموا تعارضا بين القلب والعقل ظنا منهم بأن النشاط الوجداني ظاهرة نفسية مستقلة لا تمت بصلة للنشاط العقلي ،ولكن التجربة قد علمتنا انه ليس بالحياة النفسية أنشطة مستقلة يمكن عزلها عن بعض بل هناك تداخل عضوي بين وظائف النفس ،وإلا لما توفرللشخصية آي حظ من التكامل أو آي قسط من الصحة النفسية .
والحق اذا كان من الضروري للأنسان أن يفكر تفكيراً شخصيا ،حتى يكون له كيانه العقلي الخاص،فمن الضروريله أيضا أن يحيا حياته الوجدانية الشخصية حتى يكون له كيانه الوجداني الخاص به .ولسنا نعني بذلك الا يشارك المرء غيره من الناس أفكارهم ،او لا يقاسمهم مشاعرهم ،بل نحن نعني بذلك أن تكون له الشخصية المميزة التي تتمتع بأصالة في التفكير وعمق في الوجدان ،وكثيرا ما يكون عجز الفرد عن الاحساس بأي مشاعر عميقة راجعا الى نقص في خبراته الشخصية :نظرا لانه لم يمر في حياته النفسية بخبرات وجدانية او تجارب انفعالية تحمل طابع الاستثارة وليس من شك في ان الشخصية التي تطفو على سطح الحياة ،دون أن تنفذ الى الاغوار السحيقة التي تهز كيانها كله ،لا يمكن أن تكون قد عرفت دلالة الوجدان في صميم الخبرة البشرية .والظاهر ان هناك ضحالة وجدانية تكاد تسير دائما الى جنب الى جنب مع الضحالة الفكرية ،خصوصا لدى اولئك الذين لم يلتقوا في تجربتهم الشخصية بأية أحداث هامة يمكن ان تولد لديهم أدنى أستثارة عميقة .ولعل هذا هو السبب في ان عدد غير قليل من الناس لا يكاد يعرف من قواعد الخبرة الانفعالية سوى ما اعتاد الاحساس به في كنف الجماعة او بين غمرة المجتمع أو في دور التسلية
ربما كانت عظمة الانسان انه الموجود الوحيد الذي يبيع أسمى القيم بأقصى المحن وكأنما قد كتب عليه الا يشتري الحضارة الا بأبخس الأثمان !ومع ذلك فإن لا احد يستطيع ان يحيا اللهم الا اذا حقق لنفسه بصورة أم بأخرى ولكن عندها لن يكون الا مخلوق ضيعف تتجاذبه الانفعالات وتزقه الاهواء.
لم اكتب هذا المقال عبثا ولكن هذا هو واقع الحال عند بعض الاشخاص .