facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الكونفدرالية المقترحة بين البدايات والنهايات


د. عادل يعقوب الشمايله
18-09-2018 08:10 AM

تناقلتْ وسائلُ الاعلامِ، الاقتراح الذي قدمه الرئيس الامريكي ترامب، المتضمن إقامة إتحاد كونفدرالي بين الاردن وفلسطين. جُوبِهَ الاقتراحُ بالرفض من بعض المعنيين والقَبول من أخرين على ضفتي نهر الاردن.
نبدأ بالبدايات. إن إقامة اتحاد كنفودرالي يتطلب أن تكون فلسطين دولة مستقلة ذاتَ سيادة، مثلها مثل الاردن. وبناءاً عليه، فإن المقترحَ، يُقدمُ للفلسطينين جَزرةَ الاستقلالِ والسيادةِ على جزء من أرضهم التاريخية، محققا بذلك حُلُمهم الازلي المشروع. إذ لم يسبق وأن نشأ أيُ كيان سياسي مستقل للعرب بشكل عام، أو للفلسطينين بشكل خاص، على كل، أو حتى على جزء من الموقع الجغرافي الذي يطلق عليه تسمية فلسطين حاليا. إذن، فالمُقترحُ يَخلقُ لاول مرة في التاريخ دولة فلسطينية في فلسطين.
وعلى خلاف ما حدث لجميع الدول العربية، فإن الفلسطينيين على وشك أن يقطفوا ثمار نضال طويل وشاق زاد على المائة عام. في حين لم يحصل أي من الكيانات السياسية العربية المعاصرة على الاستقلال والسيادة ضمن حدود معترف بها، بصليل السيوف أوهدير المدافع. الامر الذي يبررُ التشكيك في حقيقة ومدى إستقلال الدول العربية. فلقد خرجت بريطانيا من كل من الاردن ومصر والخليج دون هزيمة عسكرية، ناهيك، حتى، عن بروزمقاومة حقيقية ومستدامة، ولو على شكل عصيان مدني للمحتل. وكذلك خرجت فرنسا من كل من تونس والمغرب وسوريا ولبنان بمحض إرادتها، ولحساباتٍ مُغايرةٍ لحسابات المقاومة في مسلسل باب الحارة، أو أُسطورة المجاهد الاعظم؟ حتى في الجزائر، لم تُهزم فرنسا عسكريا, وإنما هُزمت أخلاقيا.
ما جرى في كل هذه الدول، هو تبدل وسائل السيطرة والادارة ليس الا. وبدلا من الابقاء على الجيوشِ الاجنبيةِ المُكلِفِ على دافعي الضرائب الانجليز والفرنسيين، دُرِبت الجيوشُ العربيةُ ومُكنت من إحتلال أوطانها وشُعوبها لصالحِ وكلاء المستعمرين. ولولا ذلك، لكانت الشعوب العربية تنعمُ بالديموقراطية والتقدم والاستقرار الاقتصادي، ولحظيت القضية الفلسطينية بحل مختلف عما طرح حتى الان. حتى أن نسبة لا بأس بها من العرب أصبحوا يترحمون على الاستعمار المباشر، لانه كان إستعمارا واحدا وليس إستعمارين، ناهيك عن أنه كان أرحم واعدل من حكم وإدارة الوكلاء.
في بدايات القضية الفلسطينية وحتى عام 1952، كانت إدارةُ الصراعِ مع الاسرائيليين في عُهدة العالم الاسلامي الرسمي والشعبي. إلا أن هذا الامر قد تغير الى عُهدة الحكومات العربية بفضل الانقلابات العسكرية، وعلى رأسها إنقلابُ جمال عبدالناصر. كان الانقلابيون بحاجة الى شرعية خارجية، لتعويض الشرعية الداخلية المفقودة، لفشلهم في تحقيق أي من شعارات الاشتراكية ومحاربة الفساد والفقر والجهل، التي إمتطوها الى الكراسي، كما إمتطوا الدبابات. لم يجد الانقلابيون أكثر بريقا من القضية الفلسطينية، فتبنوها. صَدْقَ الفلسطينيون ببساطتهم وبرائتهم، شِعاراتِ الانقلابيين، خاصةً مع عدم إنتاجهم قياداتٍ فلسطينية كَفُؤةٍ ومُخلِصةٍ وذات رؤيا، وإستقطابية، قادرة على تنظيم وتفعيل الجماهير الفلسطينية التي تعودت على الراحة والدعة والتسليم، شأنهم شأن اشقائهم العرب، طيلة فترةِ حُكم العثمانيين غير الرحيم وغير المجامل. إستمر الأمر كذلك الى أن سقط القناع عن وجوه الانقلابيين بعد ما تعرضوا للهزائم العسكرية والاقتصادية والسياسية والتعليمية والاخلاقية.
لكن الانقلابيين لم يُسلموا بهزيمتهم، فكان لا بد من البحث عن كبش فداء. فكانت العلاقة الفلسطينية الاردنية. تم إيهامُ الفلسطينيين، الذين يعشقون وطنهم، كما لم يَعشق شعبٌ آخر وطنه، أن التخلص من العلاقة مع الاردن على كافة المستويات، هو المقدمة الاولى للتحرير. أما المقدمة الثانية، فهي أن يتولى الفلسطينيون إدارة الصراع بأنفسهم للعبور الى فلسطين المحررة. غير أن مسار الاحداثِ يُسجلُ، أن الزعامة الفلسطينية التي صنعتها الحكومات الانقلابية العربية، لترث السلطة من الاردن، قد ظلت، ولا زالت، تَتنقلُ من فشل الى فشل، ومن إنتكاسة الى إنتكاسة. وجرى المُتاجرةُ بالقضية الفلسطينيةِ من قبل أبنائها، ثوار المنابر، بقدرٍ أكبرَ من الخسارةِ، عما كانت عليه زمن الانقلابيين.
ماذا بقي للفلسطينيين من خيارات بعد كل النضال والتضحيات الجسيمة؟ مُعظمُ أراضي فلسطين التاريخية لم تعد تحت أيديهم. الجزءُ الاكبرُ منها ورثته اسرائيل من بريطانيا التي ورثته من السلطة العثمانية التي حولت بغباء 80% من اراضي فلسطين الى اراضٍ أميرية. لحقها بيع 10% على الاقل من قبل ملاكيين عرب وملاك فلسطينيين. السؤالُ، كيف يُمكن إقامة دولة فلسطينية حقيقية على النسبة الضئيلة الباقية الممزقة الاوصال؟ كيف يمكن لدولة بدون مصادر مياه ومصادر طاقة، ومطوقة، أن تقوم واقعيا، اذا قامت قانونيا؟
النهايات. مصير الكنفودرالية المقترحة يتقرر إما بتحويلها الى مفروضة اذا كان من إقترحها مُصممٌ على إغلاق ملف القضية الفلسطينية الى الابد، وإما التخلي عنها، إذا تبين أنها مرفوضة من المعنيين باصرار. إحتمالية الرفض من قبل الفلسطينيين واردة، بسبب أنهم قد تعودوا على الرفض دون حسابات، ولإنهم مُحتَلونَ سياسيا من بعض العرب، ومن غير العرب، أكثر مما أرضهم محتلة من اسرائيل.
وقد يأتي رفضُ المُقترحِ من الشريك المفترض وهو الاردن اذا لم يخضع للضغوط . إن حدث ذلك، فإن النتيجة هي ذاتها الناجمة عن الرفض الفلسطيني، أن تنتقل القضية الفلسطينية الى غرفة الانعاش، ولكن بدون أجهزة وبدون اطباء، أي الموت السريري.
أما اذا تم القبول من الطرفين الفلسطيني والاردني، فإن الخمس سنوات التالية لنشؤ الكنفودرالية ستكون " قمرا وربيع" كما يقول المثل العربي. بعد ذلك يأتي الخريف والاعاصير والليالي الباردة المعتمة. سيتم خلال السنوات الخمس، تحويل الاراضي الاردنية الى مغناطيس جاذب. نموٌ إقتصادي مرتفع، ولكنه مصطنع، تجارة رائجة وسياحة وافرة وفرص عمل تستوعب كل من يبحث عن عمل. لن يتاح، عن تدبير، وضع مماثل في الضفة الغربية وقطاع غزة. ستكون الطرق ما بين الدولة الفلسطينية مع الدولة الاردنية مفتوحة بموجب مقتضيات الوحدة الكونفودرالية ومفروشة بالازهار والورود والمناسف والمسخن الساخن. حينها من لا تعجبه الورود ولم يحضر أكلة المسخن والمناسف من الطورة الاولى، فانه قد لا يجد مكانا في الطورتين الثانية والثالثة. حينها سيقبل باللواحيس ثم العظام. عند الوصول الى هذه المرحلة ستتحول الكنفدارالية من اتحاد دولتين لكل منهما أرضها وشعبها الى كنفودرالية بين شعبين على ارض الشعب الاردني فقط.
ما الخطأ في ذلك؟ شعبان عربيان، مهاجرون وانصار. الخطر أن ينتهي الامر، بتدبير خارجي وخاصة من اسرائيل وادواتها من العرب، الى صراع على المكاسب بين الاردنيين الذين سَتُضيعُ حقوقهم عن سبق إصرار وقصد، والفلسطينيون المُغرَرِ بهم للسعي للإستحواذ والسيطرة. سيتم إثارة الفوز التعويضي عند الفلسطينيين، وربما لن يقل مداه عما فعله الاسرائيليون في فلسطين. أي ستم استدراج الفلسطينيين الى محاولة استحواذ مرضية تُشفي، أو تحاول أن تُشفي الجرح الفلسطيني النازف.
أما الشرق أردنيون، فسيتم التضحية بهم، أو السكوت عما يفعله الفلسطيني الغاضب، حتى يصبح الجرح الاردني مُماثلا في عمقه ونزفه للجرح الفلسطيني الناجم عن الاحتلال الاسرائلي الطويل. حينها تنضج الظروف لبعث الشرق اردنيين من جديد في صورة ثور هائج، ليناطح الثور الفلسطيني. سيقوم الشرق اردنيون لاسترداد حقوقهم المنهوبة, المغتصبة. وَسَيتِمُ تَمكينُهم من الوقوف والصدام إلي أن يتم إنهاك الثورين المتصارعين. ولن يتم وقف الصراع الا بعد أن يغرس كُلٌ منهما خنجره المُسَمْمْ في عُنِقِ الاخر. حينها سيصفق جمهور المشاهدين ويُسدَلَ الستار، وهذا هو أوان ظهور اسرائيل على خارطة أوسع، تقتربُ حدودها من الخارطة الحلم.
من البدهي، أن لا تطيق إسرائيل تواجد إثنى عشر مليونا من العرب، من بينهم أكثر من عدد سكان اسرائيل، من الفلسطينيين الغاضبين، الذين تعتلجُ في صدورهم تيارات الثأر. الدولة الكنفودورالية ستكون مفتوحة على العمق العربي والصحاري العربية والتهريب بكافة أنواعه، وخاصة الاسلحة. لذا، ستسعى اسرائيل، لخلق حالة من عدم الاستقرار والتهديد المفتعل لها من الدولة الجديدة، والحل هو دفع الطرفين المنهكين ،الاردنيون والفلسطينيون، الى ما بعد الصحراء الاردنية العراقية، والاردنية السعودية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :