الرسمي والشعبي .. وأزمة الثقة
محمد يونس العبادي
17-09-2018 11:35 PM
المتابع للحوارات التي تجريها الحكومة حول مسودة قانون ضريبة الدخل، يستطلع حجم الهوة ما بين الرسمي والشعبي، ويلتمس مدى انحدار الثقة التي تآكلت في الأعوام الأخيرة.
فالآية انعكست في هذه الحلقات الحوارية، وباتت بعض المنابر للجماهير على حساب الرسميين، وبات صوت المواطن يعلو على صوت المسؤول الذي يحاول جاهداً شرح قانون الضريبة.
محللون، رأوا أن أغلب من شكوا وتحدثوا وانتقدوا في هذه اللقاءات لم يكونوا من شريحة المتضررين من القانون وتداعياته، إنما هي صادرة عن أناس أبعد ما يكونوا عن مظلة القانون المقترح.
بث الشكوى والنقد على هذا النحو المتزايد، والمساحة الواسعة التي عبرت عنها اللقاءات ،تجترح سؤال الثقة بشكلٍ كبير، إذ كيف تشكلت كل هذه الهوة على مدار أعوام بين مسؤولي الحكومة والشارع؟ ولماذا؟
المتابع للقاءات يرى أن المواطن شكا الفساد وشكا الخدمات بشقيها الصحة والنقل، وعبر صخبه وعدم ثقته بأي رؤية تطرحها الحكومة.. ترى لماذا بتنا على هذا الشكل؟ وأين "نواب" الناس وممثليهم عن هذه الهموم ؟
أهمية هذه اللقاءات أنها وضعت يدها على الجرح، وأثببت أننا بحاجة إلى شكل جديد من الأسلوب في التواصل، وإعادة تعريف النواب وممثلي الناس، والمسؤولين أيضاً، ليتطابقوا في سلوكهم مع الذهنية الأردنية.
وهذا الطريق، بحاجة إلى أن نضعه في سياق الحديث المتواتر عن قانون الانتخاب وقوانين الحياة العامة كلها، إذ من غير المعقول أن يبقى المواطن رهين همومه.
على المدى القريب، الفرصة الوحيدة لتجسير الهوة تتلخص بتعزيز أمثلة محاربة الفساد، من خلال الحد منه عملياً، والشروع بالالتفات للبنية التحتية وخدمات الصحة والتعليم هي يومياً محل التماس الأول بين الدولة والناس.
وعلى المدى المتوسط، فإن التشريعات الناظمة للتمثيل النيابي، والافرازات الحقيقية هي ما نحتاج إليه، فالثقة مسألة عميقة، وبحاجة إلى التفاتة باكرة.. وما زلنا قادرين على تجاوزها.
لربما من محاسن الصدف أن يأتي قانون الضريبة ليكشف عن حجم هذه المساحات من عدم الثقة، لنتدارك ما مر بنا خاصة في الأعوام التي مضت والتي استهلكتنا فيها سني الربيع العربي وتداعياته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ..
حمى الله الأردن ..