كثيرة هي العلاقات الإجتماعية التي تتمحور أو نمحورها نحن حولنا، أو تلك التي مررنا بها واكتسبنا من خلالها خبرات وتجارب جعلتنا نقيس علاقات أخرى ونقدر نجاحها أو فشلها قبل البداية بها، بناءً على ما اكتسبناه وأودعناه لصندوق الذاكرة، وقد تكون تلك العلاقات ناجحةً أو بائسة ولكن في كلتا الحالتين كيف تصرفنا معها لنديم نجاحها؟ وكيف قررنا أنها بائسة؟ وهل انسحبنا من تلك العلاقات وقررنا أن نوقف بؤسها وسذاجتها المنعكسة على تفاصيل يومنا، وتقاسيم وجهنا؟
كم مرةً شعرت بالاشمئزاز من الطرف المقابل؟ وتلفظت بمصطلح "مصلحجية"؟ أو شعرت بأن الاخر يشمئز منك ويهديك هذا المصطلح بعد أن طفح الكيل، وفاقت قدرتك وقدرته على التحمل؟
ما يثير قريحتي هنا العديد من الأمثلة التي نستطيع أن نضربها على علاقات تبادلية متكافئة وأخرى علاقات تسلطية وهمجية نتعايشها جميعاً، فعندما يدق جرس الأعراس، وينطلق المهنئون والمعايدون يباركون وينقطون، لماذا أحدهم يعطيك الخمسون؟ والاخر يمد العشرون؟ والاخر ينظر اليك ويعطيك يده ليصافحك ويهديك ابتسامه؟ ولماذا قرر والد العريس أن يكتب ملاحظة على كرت الدعوة: أعتذر عن استقبال النقوط؟
جميعنا يدرك الإجابة ويستحضرها في ذهنه عندما يذكر المناسبة التي تخص صاحب الخمسين والعشرين وصاحب الإبتسامة، وصاحب الملاحظة التي تحدث عنها واستغابه بسببها الكثيرون، وكان المثل المجتمع في عيون جميع المهنئين مرافقاً عملاتهم النقدية وابتساماتهم الشفويه، وملاحظاتهم : "كل شي سلف ودين حتى دموع العين".
لكن هل أمعن أحدكم جيداً في علاقات أخرى في مجتمعنا العربي تمثل علاقات لا تبادليه، علاقات مع فئة المصلجية، تراها في بيتنا الأردني، في حينا السلطي، الكركي، الرمثاوي، العجلوني، الطفيلي؟ هل جميع العلاقات البائسة تكتب لها النهاية؟ ويتم ايقافها لأنها تتسم باللاتكافؤ، بالحزن، بالخوف، بالقهر بالاخذ دون العطاء، بالسلبية، بالهمجية، واشعار الاخر بالدونية، علاقات فيها المرسل يجب أن يبق مرسل، والمستقبل مستقبل، فلا يمكن أن تكون اليوم مرسل وغداً مستقبل فدورك معرف ولا يجب أن تتخطاه، تماماً كترتيب السلعة فوق الرفوف.
أنا أمعنت كثيراً: فكم من العلاقات الفاشلة والتي تتسم بالظلم والاضطهاد، واستمرت بها العديد من الفئات وخصوصاً فئة النسويات "المرأة".
في مجتمعنا العربي تستمر النساء خصوصاً في علاقات فاشلة لا تبادلية، تتسم بالإهانة وفرض السيطرة وتتعداها احياناً لتصل لمرحلة العبودية، ومن الممكن هنا أن أفسر لك وأعطيك تبريرات جوهرية.
فمجتمعنا كالعادة يخلط دينه بعاداته وتقاليدة، وقد يكون للعادات المغلوطة سلطة أقوى من الدين، فيثني على المرأة التي تتحمل الذل والإهانة، الضرب والاستكانة، فيقول بأنها صبرت وتحملت، ويشجعها على الاستمرار في العلاقات الهزلية، ويقمعها أو ينبذها، أو يعاقبها إذا ما طالبت التخلص من الأحكام التسلطية وان تكسر القيود الشرقية.
نهايةً وأتمنى أن تكون بدايةً لأرواحكم وأجسادكم، ولأفئدتكم، والتي لها عليكم عتاب، فلا ترهقوها مهما تعددت الأسباب، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، قيموا علاقاتكم بضمائركم، لا ترهقوها وتحملوها فوق طاقاتها، أعطوا أفئدتكم ما تستحق، لا تكونوا دائماً مرسلين، فكثرة الإرسال تجلب التشويش، وحتى الأجهزة الكهربائية يجب أن تستريح، فما بالكم بأجهزة نفسية ودماغية، خلقت بارادة ربانية، جربوا أن تطالبوا الطرف الاخر بالرغبة في أن تحتسوا شعور المستقبلين: "للحب، للعاطفة، للهدية، للاحترام للإنسانية، للعيش بصحة دون معلولية".
ولكم تقدير نوع علاقاتكم قياساً على النقوط كعلاقة تبادلية تكافئية، وعلى المرأة في المجتمعات العربية كعلاقة جدلية هزلية تنصاع فيها لاحكامٍ قصرية باسم الصبر والتضحية وتحمل المسؤولية.
"ارفضوا الاستمرار بالهمجية، والعلاقات مع فئة المصلجية، واطلبوا علاقات انسانية تبادلية"