لمن لا يعرف التطرّف ، في اللّغة هو حد الشئ او طرفه أي الابتعاد عن الوسطية ، وما إلى ذلك من معاني ، أما التطرّف من منطلق إجرائي فهو الإتيان بفعل اًو قول عنيف ينكره المجتمع ويتعارض عما هو عليه بين الناس.
عنترة المتطرّف...
إن ما جاء به هذا الفارس من فعل أنكره عليه كل من حوله حتى أباه ، جعل منه متطرفا ً من وجهة نظر بني عبس ، إن حبه الجامح لابنة عمه عبله كان دافعاً قويا لكل أفعاله وعنفوانه .
أمه زبيبة ... أميرة ...
هو إبن الاميرة الحبشية زبيبة، كانت سيدة في قومها لكن تطرف الجاهلية جعل منها غنيمة ليطمع بها شداد وينجب فارس بني عبس ، كان هجين من أب عربي وأم حبشية ، ضخم الجثة عريض المنكبين ،أسود البشرة بشدقيه وعبوس بملامحه ،كأنه ولد متطرف الخلقةِ ليصبح ما أصبح عليه .
أخاه شيبوب ....
شيبوب أخاه أيضا كان متطرفاً بشعره وقصائده وفارساً بين أقرانه ، لكن عنترة لم يكن راضخاً للواقع بل رافضاً متمرداً .
التطرّف في الحب .....
كلنا يحمل في داخله رفضاً لواقع يعيشه ومجبر عليه ، كلنا عنترة في الحب فكريا ، لكن هناك عنترة واحد كان محاربا مقاتلاً وسارقاً وقاتلاً وغازياً من أجل قضيته ، من يجرؤ على النعمان فيسلبه النوق العصافير مهراًً لحبيبته ، من يقاتل جيشاً ليكسب من اجل الاعتراف بنسبه لأبيه شداد ويظفر بمحبوبته .
دوافع التطرّف بين الواقع والمجهول ...
نعم دوافع تكمن وراء كل فعل ، اعتقاد خاطئ او رغبة جامحة او مشاعر غامضة تجعل من الفرد متطرفا ً ،يحمل السلاح ليَفْتِك بمن حوله محاولا تحقيق هدفه ، هل عرفنا لماذا كان عنترة يعانق الرماح ويغازل السيف ، أنه العشق الممنوع ، فعندما أعلن عمه مالك عن تزويج عبلة لمن يأتي برأس عنتره ، كان هذا اعلان متطرفا لسفك الدماء ، ولكن من يتجرأ أن يقف أمام الصنديد ويخطف حلمه ويحطم مستقبله .
خلاصة وعبرة ....
إن عبرة التي يمكننا رصدها هنا تتلخص في تحليل الفعل وردة الفعل إتجاه كل ما هو خارج عن المألوف، لنكن باحثين واقعين نعالج قضايا شبابنا من جذورها ، نبتكر الحلول معهم ولهم نرسم خارطة المستقبل بحب للحياة ، نتحاور ونتواصل ، نقدم الخبرة ونستثمر في الثمرة فتنضج حلوة المذاق لأن تربتها صالحة ومصدر مائها عذب ، فلا حاجة لنا بمعركة جديدة لداحس والغبراء .
عنترة أيها المتطرّف بالحب تزوج علبة فأنت إبن شداد من بني عبس .