قراءه سريعة لخلية السلط ورسالة الى الدولة
د.مروان الشمري
16-09-2018 10:43 PM
تابعت كمواطن وباحث باهتمام تفاصيل الخلية الإرهابية التي سمحت دائرة المخابرات ببثها مشكورةً وقد لفت انتباهي عدة أمور سأحاول الاختصار في الإضاءة عليها:
اولا وقبل كل شيء فانه ليس من بين المذكورين اَي شخص قد تردد على دورات الوعظ ومراكز تحفيظ القران ودورات الإرشاد الديني وليس من بينهم اَي شخص من خريجي كليات الشريعة سواء في الجامعات الرسمية او الخاصة أو كليات المجتمع وهنا رسالة مهمة لبعض الكتبة والكاتبات ممن يقبضون ثمن مهاجمة دين الله الحنيف. الاولى بهؤلاء الالتزام بالنهج العلمي في التحليل قبل القفز للتعميم وتوجيه الاتهامات التي عادةً ما تحدث هزات ارتدادية داخل المجتمع ليس الاْردن بحاجتها خصوصا في هذه الفترة.
ثانياً: معظم أعضاء الخلية من الجامعيين وهذا مؤشر خطير على أمرين حسب فهمي البسيط: ابتعاد المؤسسة الأمنية وانسحابها شبه التام من الجامعات او باحسن الأحوال ضعف المتابعة الميدانية لتسرب الفكر الضلالي للمؤسسات التعليمية وهنا نقصد النهج الوقائي والذي كان متبعاً سابقاً لسنوات طوال رغم تحفظاتنا على جزء من الممارسات ضد الفكر المعتدل سياسيا ودينيا ولكننا نرى ان الانسحاب كان غير مدروس وترك فراغاً تم استغلاله من اصحاب الفكر المتطرف للتغلغل الى ساحات الجامعات والمؤسسات التعليمية وهذا يقودنا للنقطة الاخرى وهي الاحباط الذي يتسلل يوما بعد يوم الى معظم شبابنا وفقدانهم تدريجيا رغبة البقاء في الوطن، هذا الاحباط يقود الى مسارين او ثلاثة وهي: اما ان يتم استقطاب المحبطين من خلايا متطرفة او اجهزة عميلة بكافة مسمياتها لتنفيذ مخططات شريرة تضر بالامن الوطني، او ان المحبطين يلجأون لوسائل منحرفة لتجاوز ما يمرون به من احباط مثل المخدرات والحشيش وغيرها من السلوكيات المدمرة وهذا تدعمه المعلومات عن عدد المقبلين على التعاطي ومنهم من يلجأ أيضا للانخراط في هكذا سلوكيات على سبيل تأمين دخل بمهمات الترويج والبيع وهذا أيضا سلوك مدمر، والمسار الثالث هو محاولة الهرب والخروج من البلد والهجرة الى مكان قد يقدم فرصةً لهؤلاء الشباب، بين تلك المسارات طبعاً كثيرٌ من التفاصيل التي في معظمها تعمق أزمة الاوطان فنحن نتحدث عن الفئة التي من المفترض ان تبني مستقبل البلاد.
ثالثاً: حتى الان وفِي اخر ثلاث احداث مشابهة شهدها الاْردن ارى نسقاً في التوقيت حيث ان معظمها كانت في منتصف فصل الصيف حيث موسم السياحة وعودة المغتربين وهنا وليس من سبيل التدخل في عمل الجهات المختصة ولكن اذا كانت الأجهزة المختصة تملك كافة المعلومات التي تحتاج عن مثل هؤلاء الاشرار فالاولى التحرك فوراً فدرء المفاسد أولى من جمع كم اكبر من المعلومات التي يمكن تحصيلها في غرف التحقيق، نتفهم انه ربما كان غرض الجهاز المختص هو تحصيل اكبر عدد ممكن من التفاصيل وتحديد كامل أعضاء الخلايا في هكذا قضايا، الا ان المتغيرات وتداعيات انفلات هكذا خلايا على الدولة ككل وسمعتها واستقرارها ناهيك عن حجم الخسائر في الأرواح اذا تركت الخلايا حتى تحصيل كامل المعلومات المرغوبة يجعل من الاولى التحرك فوراً دون انتظار تأمين معلومات إضافية، فقد لاحظ الجميع ان التحرك ضد الخلية حصل بعد حادثة الفحيص اَي ان الخلية كانت قيد المتابعة وبعد ان باشرت في عملياتها الميدانية قررت مرجعية الجهاز المختص التحرك، على الأقل هذا فهمنا لما جرى وايضاً حسب الأحداث وتسلسلها وتفاصيلها التي أعلنت.
اخيراً: جرت العادة ان تقوم مؤسسة أمنية مرجعية بعمل مسح شامل للبلاد يقوم على جمع وتحديث معلومات المناطق الجغرافية للأردن بتفاصيلها الديمغرافية وتفاصيل اخرى دقيقة تتعلق باي نشاطات ملحوظة من بناءات مهجورة او بناءات جديدة او أشخاص جدد في مناطق نائية او أشخاص معزولين جغرافيا .....الخ وهذه يعلمها مختصوا تلك الأجهزة ونسأل هنا بعد حادثتي الكرك والسلط اذا كان هذا الإجراء ما زال ساريا حتى اللحظة وهل يتم دعم الأجهزة المختصة بهذا الشأن بالموارد التي تحتاجها خصوصا بعد تفاقم ارقام اللاجئين في المملكة.
وتعقيب سريع هنا تفرضه المتغيرات أيضا وهو ان الكوادر البشرية ومصادرها في الجهاز المختص كانت مهماتها اقل تعقيدا وأقل تطلباً للموارد قبل أزمة سوريا وأما بعد الأزمة فان الجهد البشري والمصادر المتطلبة لاستدامة العمل الاستخباري بأعلى كفاءة قد تضاعف وهذا يتطلب تدعيم هذه الأجهزة بما تحتاجه من إمكانات.
حفظ الله الأردن