هل تعود مرجعية النجف الدينية للساحة السياسية من بوابة خلق الأزمات؟
16-09-2018 05:13 PM
كتب: علي الياسري
من المعلوم أن منصب رئيس الوزراء في العراق، منصب تنفيذي بالدرجة الأولى. ويقع على عاتقه إخراج البلاد من الأزمات المصيرية التي يواجهها البلد. فكيف تريد الجهة التي عهدنا حكمتها، ونعتبرها صمام الأمان والملاذ الأخير للجوء إليها حين تشتد الأمور، أن تدخل البلاد والعباد في نفق مظلم يعلم الله وحده متى سنخرج منه. خصوصا وأننا أصلا نقف على أبواب هذا السرداب منذ أكثر من خمسة عشر سنة.
أكتب اليوم تعقيبا على تصريحات سماحة السيد مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، حيث أبلغ سماحته القوى السياسية في العراق، بأن المرجعية الدينية في النجف الأشرف لم تعترض على اسم عادل عبد المهدي لتولي رئاسة الوزراء. كان ذلك في لقائه الأسبوع الماضي بنجل السيستاني محمد رضا، وتم الحديث عن صعوبة المرحلة السياسية المقبلة، وأهمية الخروج من حالة الجمود السياسي. ويضيف سماحة السيد الصدر أن عادل عبد المهدي، هذا هو خيار المرجعية.
لذلك يجب أن نتوقف هنا مليا، ونعطي للكلمات أوزانها وثقلها الحقيقي. ونطرح السؤال الأكثر الأهمية، هل بمقدور المرجعية الدينية في النجف الأشرف أن تتحمل تداعيات وعواقب اختيارها لعادل عبد المهدي رئيسا للوزراء في ظل هذه الظروف الصعبة؟ وهو خيار لا يختلف عليه اثنان بأنه ليس مناسبا، بغض النظر عما يتم تداوله عن المشاكل المحيطة بشخصية الرجل. ولكن عادل عبد المهدي لا يمكن له أن يدير هذه البلاد التي تقع في محيط عاصف، وصراع إرادات عالمية وإقليمية عليه وعلى مستقبله ومستقبل شعبه الذي لا يجد الماء ليشرب.
ما أود قوله هنا، أننا تعودنا من مرجعية النجف الأشرف، بأن تعترض صراحة على اسم بعينه قد يؤدي اختياره لضرر كبير في مصلحة البلاد. ولكنها اليوم لغاية الآن تصمت أمام خطر يتهدد البلاد بأكملها.
ولنكون منصفين أكثر، قد تكون تصريحات الصدر الأخيرة، انطلاقا من فهمه لتوجهات المرجعية، وليست تصريحا مباشرا منها. الأمر الذي يضع المرجعية الدينية في النجف أمام خيارين لا ثالث لهما. الخيار الأول، أن تخرج في تصريح واضح ومباشر تنفي وتكذب كل ما يتم تداوله، عن رغبتها في وجود عادل عبد المهدي في منصب رئيس الوزراء. وهذا الخيار خير للبلد ولمستقبلها، ولصورة المرجعية التي نأمل ألا تهتز بفعل رغبتها بعادل عبد المهدي.
أما الخيار الثاني، أن تصمت المرجعية، ولا تعلق على شيء، وبهذا نفهم أنه خيارها فعلا، ونفهم أيضا أن المرجعية تحاول الرجوع للساحة السياسية، بعد أن أغلقت الباب على نفسها نتيجة لتدخلها سابقا وفرضها اختيارا كارثيا تمثل في "حيدر العبادي".
نحن اليوم على مفترق طرق، وبانتظار ما ستؤول اليه الأمور، وعلى المرجعية الدينية في النجف الأشرف، في حال رغبتها بالعودة للساحة السياسية، أن تعود من باب الإنقاذ وليس من باب خلق الأزمات التي نمتلك رصيدا كافيا منها.