عبد السلام المجالي في لعبة "السيجة"
ياسر ابوهلاله
03-05-2007 03:00 AM
لم أستمع إلى مقولات رئيس الوزراء الأسبق عبدالسلام المجالي عن الكونفدرالية ، ولم
أحاوره حول توقيتها المريب ، ولم أبحث معه في تداعياتها التدميرية على الدولة
الفلسطينية من جهة وعلى العلاقات الأردنية الفلسطينية في بعديها الداخلي والخارجية
من جهة أخرى .إذ لم أكن ممن حظوا بلقائه وجها لوجه ، وحسبي أن أنقاش الفكرة عن بعد فهي
مستهلكة منذ سنين ووجه الرئيس السابق ليس بغريب على الصحفيين . لنبدأ بصاحب الفكرة ، فهو مسؤول سابق معني بملف التسوية . وحتى لا يظلم لم يكن
وثيق الصلة بالملف على مستوى عملي في عز توليه المسؤولية . فلم يعد سرا أن
المفاوضات السرية الأردنية الإسرائيلية هي المفاوضات الحقيقية التي أثمرت
التوقيع على معاهدة وادي عربة ، وكان دور رئيس الوزراء هو التوقيع الذي يعطي
المفاوضات صبغتها الرسمية .
ومع ذلك كان المجالي فخورا بالمعاهدة وحرث الأرض أمامها من خلال قانون الصوت
الواحد المجزأ الذي أقر بصيغة غير دستورية بعد حل مجلس النواب .وهو من هواة
القوانين المؤقتة ليس في الانتخابات وإنما في المطبوعات أيضا . وهو القانون الذي
عطلته محكمة العدل العليا في سابقة لم تتكرر .
وعلى ضعف صلته بكثير مما كان يجري لم يكن المجالي ليتنصل منه ،بل كان يجترح
مصطلحات غير مسبوقة في علم التفاوض مثل " مفاوضات الكرادور " ، وبالمحصلة انتهت
صولاته بتصريحه الشهير " كفَنا الوطن البديل " مع أن المواطن البسيط في حينها كان
يدرك أن المشروع الصهيوني لم يغسل ولم يكفن بعد ، وطالما أن إسرائيل تحتل الأرض
وترفض إقامة الدولة الفلسطينية فإن خطر الوطن البديل لا يزال ماثلا على رغم
تصريحات رئيس الوزراء الأسبق .
حتى وهو على رأس مسؤوليته وليس في سني تقاعده على المسؤول أن يحترم الرأي
العام عندما يطرح مشاريع كبرى تتعلق بمصير الدولة والوطن . فالأوربيون وهم دول
صناعية كانت تستعمر العالم لا يوسعون الاتحاد الأوربي دون مشورة ، ولا تدخل دولة
فيه بدون موافقة شعبها على كل ما يحمله من وعود اقتصادية وسياسية , دولة صغيرة
مثل اللوكسمبورغ تحدد مصيرها ومصير الاتحاد ، فكيف بمشروع سياسي ينسف الدولة
الأردنية لصالح مشروع مبني للمجهول .
شخصيا أؤيد الوحدة الاندماجية الكاملة مع فلسطين بعد التحرير واعتراف العالم
بالدولة الفلسطينية ، لكن لماذا الآن وقبل التحرير وقبل الدولة وفي ظل
الجدار وفي عز الحصار واعتقال رئيس المجلس التشريع وكل المصائب يتطوع مسؤول
أردني متقاعد لتبني خيار هو من اختصاص الشعب الفلسطيني والشعب الأردني كل على
حدة ؟
يصعب أن يؤخذ الحديث عن الكونفدرالية بحسن نية ، ويجب التصدي لهذه الطروحات
المدمرة لفكرة الدولة الفلسطينية ( القابلة للحياة أم للتكفين ؟) فآثارها
السيئة لا تتوقف على إثارة هواجس الفلسطينيين الذين يصارعون الاحتلال على
مدار الساعة وإنما تنسحب على العلاقات الأردنية الفلسطينية في بعدها الداخلي
، وستعطي حطبا لمن يريدون إشعال نار الفتنة .
لأن يجلس رئيس الوزراء المتقاعد بجوار متقاعدين أمام دكان يلعبون " السيجة
" لتمضية الوقت وصرف الملل خير من اللعب بمصير الناس بدون تفويض من أحد .
كلام الكونفدرالية عبث سبق أن أوقفه الراحل الملك حسين في قولته للراحل
عرافات أعد ورقة الكونفدرالية على جيبك . وهو الكلام نفسه الذي يقال لرئيس
الوزراء المتقاعد عبدالسلام المجالي . فلا أعلم أحدا من الفلسطينيين أو
الأردنيين فوضه ببحث حاضرهم أو مستقبلهم . والكونفدرالية في النهاية ليست
خدمة لهم ، بل خدمة للمشروع الصهيوني الذي يرفض الدولة الفلسطينية من حيث
المبدأ .
البريد الالكتروني
abuhilala@yahoo.com