هل سيتعرض الأردن للعقوبات
فايز الفايز
15-09-2018 11:49 PM
مرّ خبر تحويل الأردن الى مجلس الأمن للتحقيق بقضية عدم إحتجازه للرئيس السوداني عمرالبشير دون أن يثير الكثير من الإهتمام، حتى منذ بداية القضية قبل سنة ونصف، القضية حولتها المحكمة الجنائية الدولية بناء على توصية من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وترافع مندوبون عن الأردن طيلة الأسبوع الماضي أمام الهيئة الأممية، ولكن هل»فركة الأذن» هذه جاءت هكذا، كسقوط تفاحة على رأس مزارع لم يسمع عن «نيوتن»، أم أن موقف الأردن من تفاصيل تصفية القضية الفلسطينية والقدس له علاقة بذلك، وهل الإختناق الإقتصادي الذي ذبح البلد مرده الوضع الإقليمي أم تخبط سياساتنا، أم العصا الغليظة للإدارة الأميركية؟.
كانت الولايات المتحدة منذ عام 1957 هي مركز التحالف السياسي والعسكري للأردن، وطالما قدمت كل القيادات الأميركية من البيت الأبيض والكونغرس والبنتاغون كثيرا من الدعم للأردن، وتخلل سنوات السبعينات اضطراب في العلاقات في نهاية عهد ريتشارد نيكسون الذي زار الأردن قبل أن يستقيل بأربعين يوما، ومنعت واشنطن صفقة صواريخ للأردن، فقلب الملك الحسين البوصلة نحو موسكو، ولكن العلاقات منذ معاهدة وادي عربة تطورت بشكل كبير، حتى جاء الرئيس ترمب، الذي يعشق قلب الطاولات وضرب الإتفاقيات بقدميه.
كنا نعلم فيما مضى كيف كانت تضغط واشنطن على بعض الدول للتعاون مع عمّان لتسهيل منحها المساعدات المالية والقروض وفتح الأسواق، ولكن في المقابل كانت تتدخل أيضا لمنع ما ذلك عن الأردن، كانت هناك أسرار لا يعرفها سوى الراسخين في علم الحكم ، ولكن بلداً كالأردن يقف على بعد قذيفة عن القدس، ويقدم خدمات رائعة للعالم المتمدن، ويفتح أبوابه للاجئين من كل صوب وحدب، ويترك معابر نهر الأردن مفتوحة لتكون المنفذ والمتنفس الوحيد للفلسطينيين للتنقل والتجارة والسفر، لا يتخيل أحد أن تتخلى عنه الإدارة الأميركية،لو كانت راشدة، وهي تراه يغرق حتى أذني آخر مسؤول فيه ولا تحرك ساكنا، إلا إن كانت هناك مصيبة قادمة.
جاريد كوشنر يشبه صهره ترمب، ويشكلان حصانين يتنافسان للفوز بهيكل سليمان إرضاء للإسرائيليين، وإنهاء الوجود الفلسطيني لصالح إسرائيل، ولهذا يصرّ ترمب على خنق اللاجئين الفلسطينيين ودفنهم في بلاد الأحفاد خارج فلسطين،وأهمها الأردن، ولم يعد مستبعدا أن يخرجا علينا بتهديدات جديدة بفرض عقوبات تضعنا في مصاف دولة السودان التي يلوحون بمعاقبتنا بسبب رئيسها ، وقد تخرج بعض المؤسسات التقييمية المالية بتسريبات غير صحيحة تستهدف تصنيفنا المالي و إستقرارنا الإقتصادي الهش، وكل هذا غير مستبعد في عالم السياسة القذرة.
ما نراه اليوم فيما يجري في الأردن هو باختصار عقوبات سياسية غير معلنة بعصا إقتصادية أميركية ضد الأردن، والحكومة تعاقبنا إقتصاديا للترافع أمام صندوق النقد الدولي، وهذا يتطلب إستدارة كاملة نحو شركاء دوليين غير البلاد التي يتحكم بها عصابات سياسية من اليمين واللبراليين الجدد وجماعات الضغط الصهيوني، هكذا كان يفعل الأردن فيما مضى من تاريخه، لا أن يجعل من المواطنين قرابين على مذبح صندوق النقد ونوادي باريس ومدريد والإدارة الأميركية المتهورة بعد كل ما قدمناه من خدمات غير مشكورة.
الرأي