تزور مدن الجنوب ، مع اصدقاء ، وكل مرة تطرح ذات الاسئلة ولا تجد الجواب حول سر اهمال هذه المناطق ، رغم انها الاغنى في الاردن ، وجميع ثروات الاردن مخزونة في ارضها ، من البوتاس الى الفوسفات الى اليورانيوم مرورا بالصخر الزيتي والمياه والنحاس ، وكنوز اثرية كالبتراء ، وبحر يجلب السياح والثروات والتجارة ، ايضا.
كل خطط الانعاش الاقتصادي لهذه المناطق ، لم تحقق الا تغييرات محدودة جدا ، وبقيت هذه المناطق اسيرة لاشاحة الوجه عنها ، بحيث نشرب خيرها ، وتكون حصتها هي الاقل ، واذا ذهبت الى معان والكرك والطفيلة ، والبادية الجنوبية ، لاكتشفت ببساطة ان هذه المناطق مهملة ، الا من جامعة او مستشفى ، عليهما الف ملاحظة وملاحظة ، فيما البطالة والفقر ، وقلة الفرص ، وعدم التخطيط للمستقبل ، عناوين اساسية لهذه المناطق ، ولا ننسى انه حين اثير موضوع الاقاليم ، خرج من يقول من اهل اقليم الجنوب الذي كان مقررا ايجاده ، ان اهل الجنوب يعانون ، وان الثروات مكدسة ، وهي من حق اهل الجنوب فقط ، وهذا يعكس مدى المرارة ، والغضب ، تجاه قضايا التنمية والانفاق الحكومي على هذه المناطق.
يعرف الخبراء في الاردن ، ومن دراسات ليست سرا ، ان جنوب الاردن ، قابل للتحول الى منطقة مزدهرة لا مثيل لها في الاردن ، من حيث المزايا والثروات ، ومن حيث طبيعة الارض ، ومواردها ، واتصال الجنوب بالبحر وبالسعودية ومصر ودول الخليج العربي ، بما يعكس مزايا لها علاقة حتى بالاستيراد والتصدير ، ولاشك ان التعامل مع الجنوب باعتباره مجرد منجم ، يتم الاستفادة منه لصالح الخزينة ، فيما يتم منحه فتات المال ، هو امر مؤسف بكل ما في الكلمة من معنى ، والواجب اليوم ، وضه خطة لانعاش هذه المناطق ، التي اثرى بعض اهلها ايضا ، وجمعوا مبالغ مالية كبيرة وهائلة ، لكنهم لايتنازلون من اجل افتتاح مكتبة عامة في مدينة او قرية او بادية.
قيل في الجنوب الكثير من العاطفة والشعر ، وقيل ان كل الدروب تؤدي الى الجنوب ، غير ان الكلام في واد والفعل في واد اخر ، والواجب اليوم ، ان نتعامل مع هذه المناطق بطريقة مختلفة ، لأن المشهد غير مكتمل ، ونحن نعرف ان نصف الطلبة الذين يتم ارسالهم الى جامعة مؤتة يوسطون "كل الاردن" من اجل الانتقال الى جامعات اخرى في مدن اخرى ، على عكس ما جرى في جامعة اليرموك في اربد ، وهذا يؤشر على ان افتتاح الجامعة للطلبة المدنيين ، بقي ناقصا ، ولم يترافق مع خطة انعاش عامة ، تنعكس على المكان ايضا ، بحيث بقيت هذه البؤر التنموية محدودة التأثير والاثر ، دون ان تحقق المطلوب منها.
تستحق مدن الجنوب وقراه وبواديه لحظة توقف حقيقية.. أليس كذلك؟.
m.tair@addustour.com.jo