ادلب في انتظار ساعة الانفجار الكبير
اللواء المتقاعد مروان العمد
15-09-2018 11:09 AM
كان الانطباع الاولي على نتائج قمة طهران حول مصير ادلب ان القمة فشلت في الوصول الى اتفاق حول كيفية التصرف ازاء هذة المشكلة ولكن بيان القمة ترك الباب موارباً في المستقبل لايجاد طريقة للتعامل مع التنظيمات الارهابية على الاقل في ادلب ولعل ذلك وراء ما صرح به اردوغان مؤخراً بقولة لدينا خطة بديلة بشأن ادلب وسألتقي بوتين مجدداً . ولعل هذا وراء دعوة بوتين لعقد جلسة لمجلس الامن لمناقشة قضية ادلب ومباحثات قمة طهران .
ولكن من خلال متابعة التصريحات المختلفة حول هذة القمة و التحليلات التي تحدث عنها المحللين العسكريين والاستراتيجين والسياسيين وجميع انواع المحللين فأنني ارى ان القمة وان لم تنجح فأنها ايضاً لم تفشل ، وانما تم تأجيل مخرجاتها حالياً لأعتبارات خاصة بكل طرف من اطراف القمة بالاضافة الى الاطراف الدولية .
فبعد ان اخذت تركيا بالتنسيق مع روسيا وايران في الملف السوري ، اغضب هذا الامر الولايات المتحدة الامريكية وادى ذلك الى حدوث ازمة حادة في العلاقات بينهما الى ان وصلت الى توقيع عقوبات اقتصادية عليها وان غْلف ذلك بقضية القس الامريكي المحتجز في تركيا ، الامر الذي دفع تركيا للتلويح بزيادة علاقاتها مع روسيا والحديث عن صفقات اسلحة روسية لتركيا ومن بينها منظومة صواريخ اس ٤٠٠ .
وقد حاولت روسيا ان تستغل التقارب التركي منها وحاجة تركيا لمنظومة الاسلحة هذة لتوكل اليها مهمة حسم موضوع ادلب وفي ظنها ان تركيا قادرة على ان تلعب دوراً في تحقيق ذلك من خلال سيطرتها على تنظيمات المعارضة وانة بأمكانها ارغامها على مغادرة هذة المحافظة او على الاقل التنظيمات الارهابية منها .
ولكن كانت لتركيا وجهة نظر أخرى ، فهي ترى ان بقاء سيطرتها على ادلب وعلى كل الشمال الغربي من سورية وعلى كل تنظيمات المعارضة المسلحة فيها سواء كانت معتدلة او ارهابية امراً لا يمكنها التفريط بة وخاصة في مواجهة مخاوفها من حملة نزوح هائلة نحو حدودها او في مجال صراعها مع الاكراد او في مجال مستقبل سورية ونظام الحكم فيها مستقبلاً . وهي وبعد اكثر من سبع سنوات من دعمها لقوى المعارضة السورية وسعيها لاسقاط نظام الحكم السوري ، فأنة ليس من السهل عليها ان تْفرِط بورقة هذة التنظيمات وتخرجها من اللعبة السياسية والعسكرية في سورية . ولذا فهي لم تعمل بجدية كافية على ارغام تنظيم النصرة والتنظيمات المتحالفه معه بمغادرة ادلب بل حاولت اقناعها بحل نفسها والانضمام الى التشكيل العسكري لقوى المعارضة الذي قامت تركيا بتشكيلة في ادلب من مجموعة كبيرة من تنظيمات المعارضة بأسم تحالف الجبهه الوطنية للتحرير حتى لو كان ذلك الفعل على حساب علاقتها مع روسيا .
اما الولايات المتحدة الامريكية فقد قامت هي وحلفائها كل من فرنسا والمانيا وبريطانيا بالمبالغة من مغبة الهجوم على ادلب وان هذا سوف يؤدي الى مذبحة لم يشهد التاريخ المعاصر مثيلاً لها وانها لن تسمح بحدوث ذلك كما قامت بأستباق الاحداث واتهام النظام بأنة يعد العدة لاستخدام السلاح الكيماوي وانها لن تسكت على ذلك وانها لا ترى اي مستقبل لبشار الاسد في سورية ، وذلك بهدف تشجع تركيا على المماطلة بأتخاذ أجراءات بحق قوى المعارضة وظبطها كما كان قد تم الاتفاق بينها وبين روسيا في انتظار ما يمكن ان تقوم بة الولايات المتحدة وحلفائها ضد النظام السوري ، وذلك بهدف الايقاع بينها وبين روسيا .
اما بالنسبة للموقف الايراني فأنها وبالرغم من سعيها لأن تكون قرارات قمة طهران حاسمة باتجاة تصفية المعارضة السورية بهدف تعزيز موقف حليفها بشار الاسد وفرضة رقماً صعباً في المستقبل السوري . الا انها ومما لاشك بة كانت تحسب حساب الموقف الامريكي وردة فعلة على مثل تلك القرارات وخاصة على ضوء الحصار الامريكي عليها والتهديدات الامريكية لها .
وقد كان لكل تلك الاجواء والمواقف تأثيرها على قمة طهران والتي اختارت ان تمسك العصى من المنتصف ودون ان تخرج بأي قرارات حاسمة ودون ان تغلق الباب نهائاً على اتخاذ مثل هذة القرارات مستقبلاً .
وبعد القمة لوحظ اندلاع معارك من نوع آخر ما بين المحللين السياسيين والعسكريين لروسيا وتركيا وبما يشبهة الحرب الباردة بين الطرفين حيث اتهم الجانب الروسي الجانب التركي بعدم التعاون في القضاء على التنظيمات الارهابية وانة يوفر ملاذات آمنة لتنظيم النصرة ويساعد على تمكينها من استخدام سلاح كيماوي في ادلب وانه تم ادخال عشرات الشاحنات المحملة بمادة الكلور السامة والقادمة من بريطانيا للقيام بهذا التفجير واتهام النظام بة ، وأن تركيا تسعى لتثبيت سيطرتها على ادلب ودليلهم على ذلك التعزيزات العسكرية التركية الضخمة التي تم ادخالها الى ادلب في الايام الاخيرة .
وفي المقابل فقد اتهم المحللين الاتراك روسيا بأنها تريد استغلال العلاقات المتوترة بين تركيا والولايات المتحدة لكي تفرض اجندتها عليها . بل ذهب البعض الى ابعد من ذلك والقول ان ما يجري في سورية الآن هو مؤامرة امريكية مع النظام السوري ضد تركيا والقول بأن جحافل قوات المعارضة السورية ستقوم وخلال الايام القادمة بعملية هجوم شامل ونهائي على قوات النظام منطلقين من ريف اللاذقية وريف حماة وريف حلب ( عفرين وجابلس والباب واعزاز ) ومن ادلب وباقي المناطق في الشمال السوري لاسقاط فلول النظام والقضاء على المؤامرة الامريكية السورية على تركيا .
هذا من الناحية السياسية اما من الناحية العسكرية فقد كان النظام قد اعلن عن انطلاق عملية فجر ادلب لتحريرها من قوى المعارضة واعلن ان البدايات ستكون تحرير المناطق المحاذية لمحافظة اللاذقية في ادلب مثل جسر الشغور وسراقب وشمال شرقي سهل الغاب بريف شمال حماة وفي جنوب ادلب وجنوبها الشرقي حيث تتركز في هذة المناطق جبهة تحرير الشام ( النصره ) و قوات تنظيم حراس الدين وجند الاقصى وجند الملاحم والحزب الاسلام التركستاني ، اي حيث مواقع التنظيمات المتطرفة . وقام سلاح الجو الروسي والسوري بغارات متعددة على هذة المناطق مدعية انها تستهدف مواقع عسكرية ومستودعات اسلحة لهذة التنظيمات فيما قالت تنظيمات المعارضة انها استهدفت مواقع مدنية واوقعت الكثير من القتلى والجرحى . وان قوات النظام وروسيا تهدف بغاراتها اخلاء المناطق المحاذية لادلب من سكانها تمهيدا للدخول الى ادلب وتقسيمها الى خمس جزر منعزلة تمهيداً لمحاصرتها والتعامل معها كما تم التعامل مع التنظيمات في ريف دمشق الجنوبي حيث تم عقد صفقات مع هذة التنظيمات لاخلائها منهم . كما تدعي مصادر المعارضة ان حوالي اربعين الف شخصاً نزحوا من هذة المناطق نتيجة لهذة المعارك والغارات
وبالرغم من ان اميركا وحلفائها من الدول الغربية كانوا يدعون لوقف الهجوم على ادلب الى انة لم يبدر منهم اي ردود فعل واضحة على هذة العمليات العسكرية ، بل ان رئيس هيئة الاركان الامريكي واتفورد دعا طهران وموسكو لأن تكون العمليات التي يقومون بها محدودة ومصممة بعناية ضد المتشددين وعدم الحاق الاذى بالمدنيين . حيث ان الهم الاكبر لهذة الدول هو عدم خروج الارهابيين من ادلب على قيد الحياة اما ببقائهم بها سالمين او الموت فيها خشية تسلل بعضهم الى دولهم وما يمكن ان يترتب على ذلك مستقبلاً من عمليات ارهابية .
الا انة وبعد انعقاد قمة طهران دون الخروج بقرارات حاسمة وبعد انعقاد جلسة لمجلس الامن لبحث الوضع في ادلب دون نتائج ، فقد لوحظ توقف شبة تام للعمليات العسكرية في مناطق جنوب ادلب دون الاعلان فيما اذا كان القصد من ذلك الغاء العملية او تأجيلها الى وقت آخر ، او ان ذلك نتيجة الخلافات بين اطراف قمة طهران الثلاث .
كما وانة وفي نفس الوقت فقد تسارعت التحركات التركية في ادلب من اجل استكمال توحيد وتجميع تنظيمات المعارضة كما تم جلب اعداداً كبيرة من اعضاء هذة التنظيمات من ريف حلب الغربي بحيث اصبح عددهم في ادلب يتجاوز الخمسون الف مقاتل ويضاف اليهم حوالي عشرون الفاً من اعضاء التنظيمات الارهابية . كما قامت تركيا بتزويد هذة التنظيمات بألاسلحة والمعدات الحديثة بما فيها الدبابات والمدفعية والصواريخ . بالاضافة الى زيادة عدد اعضاء جنودها في مناطق المراقبة داخل ادلب وفي مناطق انتشارها بريف حلب الغربي ، وحشد عشرات الآلآف من قواتها على الحدود التركية السورية واعداد العدة للتصدي لأي هجوم لقوات النظام .
وبنفس الوقت ارتفعت حدة التهديدات الصادرة من الغرب للنظام في سورية فيما اذا شن هجومة على ادلب او استخدم السلاح الكيماوي .
فيما زاد الحديث الروسي عن الاعداد لتمثيلية التفحير الكيماوي حيث تقول ان مجموعة من المصورين وصلوا الى جسر الشغور لتصوير التفجير المفتعل الذي خططت لة الادارة الامريكية . والاعلان عن اصرارهم لحسم الوضع في ادلب وسورية لمصلحة النظام .
فهل سيكون الانفجار هو مواجهة ما بين النظام وروسيا وايران واعوانها من جهة وبين قوى المعارضة المدعومة من تركيا وتركيا منجهة أخرى؟
ام سيكون قصف غربيى لقوات النظام بحجة استخدام السلاح الكيماوي قد يكون لة تأثيرة على ما سيحصل في سورية في اليوم التالي ؟ ام ان تفاهمات واتفاقات جديدة سوف يتم الوصول اليها بحيث يحصل كل طرف على مصالحة الخاصة بة ؟ اللة اعلم ، اما ما اعلمة انا انة في حالة اللجوء للحل العسكري فسوف تقع في ادلب مذبحة لم تشهدها سورية سابقاً لان النظام وحلفائة لن يرضون الا بالنصر الكامل . فيما ان المعارضة ستقاتل بدعم تركي الى النهاية حيث لم يبقى امامها الا الصمود او الموت او الاستسلام حيث لم يبقى لهم مكان يذهبون الية بعد ادلب . والخاسر الكبير والضحية هو سيكون الشعب السوري فقط .
وبالنسبة لي فأنني لا ارى حسماً سريعاً للوضع السوري لعدم جدية الاطراف المتدخلة فية بذلك ولأن كل طرف يريد ان يكون المنتصر الاكبر . واننا سنعود ونتحدث عن ادلب وعن سورية وما يحصل بها ولفترة طويلة .