"البقرة الحمراء" .. من الخرافة إلى الخرافة!
رجا طلب
14-09-2018 08:39 PM
قلة من المتخصصين في الدراسات الشرقية وبخاصة الديانات القديمة قد توقفوا بالبحث والدراسة في تاريخية وأبعاد "أسطورة البقرة" الحمراء اليهودية، وأنا شخصياً تذكرتها عندما قرأت خبراً قبل أيام عن ولادة "بقرة حمراء" في "إسرائيل، والسؤال الذي سيطرحه القارئ الكريم بصورة تلقائية: ما هي البقرة الحمراء؟ وما هي قصتها؟
لا أدعي معرفة الرواية الصحيحة لتلك "الخرافة اليهودية"، ولكونها خرافة، فإنها تعد بمثابة خشبة مسرح متاحة لكل من يريد الصعود عليه والتمثيل فوقه وتقديم ما يريد، غير أن الإشكالية الكبرى في موضوع "بقرة اليهود الحمراء" أن المعتقد الديني لديهم يشير وبوضوح إلى أن وجودها على "أرض الحياة"، سيكون هو نهاية العالم، وبالنسبة إليهم فإن "نهاية العالم" تعني عودة المسيح المنتظر وعودته تعني بالضرورة والفرض الديني "إعادة بناء الهيكل".
وبحسب الخرافة اليهودية، فإن الهيكل موجود تحت المسجد الأقصى، ولكي يعاد بناؤه يجب الدخول إليه أولاً ومن بعد ذلك هدمه لبناء الهيكل الجديد، وبحسب اليهودية التقليدية فإن الدخول إلى المسجد الأقصى الذي يعتقدون أن "معبد سليمان" موجوداً في أسفله أو تحته يجب أن يتم وفق الشريعة اليهودية ومن أبرز تلك الشروط التطهر، والتطهر هنا ليس غسلاً للجسد بالماء ولا زكاة بالمال، ولكن عبر ذبح البقرة الحمراء وحرقها وبعد ذلك نثر رمادها على كل من يريد دخول المعبد عبر المسجد الأقصى.
وهنا علينا تذكر سورة البقرة التي تتحدث عن النبي موسى وقومه وكيف تعامل اليهود مع أمره لهم بذبح بقرة، فقد ضيّقوا على أنفسهم، وباتت البقرة التي طلبها الله منهم عبر النبي موسى عبئاً عليهم، واخترعوا لأنفسهم قصة البقرة الحمراء، اعتقاداً منهم بالنجاة وتعجيزاً لنبوة موسى عليه السلام وتحد لها.
لقد وقع رجال الدين اليهودي بعد العهد الجديد المتمثل بولادة السيد المسيح بأكبر مأزق ألا وهو كيفية إعادة إنتاج الاعتبار للعهد القديم، ومنذ ذلك الوقت بدأت أكبر عملية تزييف في التاريخ، وتتمثل تلك العملية في إعادة الاعتبار للدين اليهودي على أساس أنه يمثل التاريخ والحقيقة معاً، ومن أهم المسائل التي اهتدى إليها هؤلاء هي القضايا التي تمزج بين الدين الواقعي والخرافة، ومن أبرزها بناء الهيكل وما يتعلق به مثل عودة المسيح المنتظر والبقرة الحمراء.
في العودة إلى "البقرة الحمراء" التي ستستخدم "جرساً" يؤذن بدخول المسجد الأقصى وهدمه فإنها تحولت لعقدة كبرى لدى اليهود.
فالبقرة الحمراء التي ينتظرها اليهود لكي يدخلوا بها المسجد الأقصى، والتي ستكون سبباً في "نظافتهم وطهرهم" بعد ذبحها وحرقها "بخشب الأرز اللبناني"، ونثر رمادها على الذين سيدخلون المسجد الأقصى لكي يكونوا طاهرين، لها مواصفات صعبة وهي:
• أن تكون حمراء تماماً.
• ألا تكون قد حلبت من قبل.
• ألا تكون قد استخدمت في عمل من حمل أو حرث.
• أن تكون خالية من العيوب الخارجية، والأمراض الداخلية.
• أن تكون صغيرة السن لهذا يطلقون عليها البقرة الصغيرة الحمراء.
وتطارد هذه "الخرافة" العديد من الأسئلة التي تنفي إمكانية حدوثها مثل: هل رماد بقرة واحدة حمراء كاف "لتطهير" كل يهود العالم والذين تجاوز عددهم الأربعة عشر مليوناً والموزعين في كافة أنحاء العالم ؟
وهل كان اليهود منذ هدم معبد سليمان في 70 ميلادي إلى اليوم "نجسين وغير طاهرين"؟
وهل يصلح أن يكون "الأنجاس"، هم "شعب الله المختار" ؟
والأهم من كل ما سبق هو التقاط المخطط الصهيوني وخطواته لإخراج القدس باعتبارها أبرز أركان القضية الفلسطينية من "قدسيتها"، وسحبها من التداول السياسي والتفاوضي عبر تهويدها دينياً وسياسياً وهو الأمر الذي بدا بقرار ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس الشرقية.
24: