تظهرحرية الرأي والتعبير في شبكات التواصل الاجتماعي وقد تكون تجاوزت في سقفها حدود السلطة التنفيذية احيانا، ويبقي البعض منتقداً أكثر منه ناقداً، ومحبطاً ومتأزماً وفاقداً لحضوره؛ نتيجة استسلامه الخاطئ للأفكار والمعلومات المغلوطة.
وقد يكون نتيجة جهل المسؤول بقيمة صوت المواطن، وأهمية احتوائه، وتلبية حاجته. وهو ما تؤكد عليه قيادة هذا الوطن في جميع توجيهات جلالة الملك وخاصة في الاوراق النقاشية.
ويبقى الوعي الذي ننشده أن لا نصل فيه إلى الكمال، أو "كل شيء تمام"، وإنما نقصد وعياً نميّز فيه بين المعلومات المنشورة في شبكات التواصل الاجتماعي، وفحصها والتأكد من مصادرها قبل أن نتخذ منها موقفاً أو نبني عليها قراراً.
وعلينا أن نثق بأن الدولة أحرص منّا على توضيح الحقائق، مهما كانت مؤلمة أحياناً؛ لقطع الطريق على بعض المغرضين، والمندسين خلف شبكات التواصل الاجتماعي، كما يجب أيضاً أن يعي المسؤول أن الأمانة الملقاة على عاتقه من الدولة تحتم عليه أن يستمع إلى المواطن، ويقف بجانبه.
أبرزت شبكات التواصل الاجتماعي رغم بعض سلبياتها كثير من الأمور على السطح، فلم يعد هناك شيء مخفي، كما أنَّها أوجدت مساحة كبيرة من حرية الرأي، و أنَّها كسرت احتكار المعرفة والرأي الواحد. ؛ مما ساهم في خلق نوع من الإحساس بمشاعر الآخرين، و هذه الوسائل باتت مُتاحة بأيدي الجميع و هناك من ينظر إلى تلك الوسائل بنظرة سلبية قد تُضخِّم المشكلة أو قد تُصيب الفرد بالإحباط، ، إلاَّ أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت للعديد من أفراد المجتمع الفرصة ليشعروا بمشاعر الطرف الآخر.
وإنَّ علوّ صوت النقد أو الشكوى والتذمر هو حقٌ مكفولٌ للمواطن بشروطه الأخلاقية وبعمق انتمائه لقيادته ووطنه والدفاع عنهما، و أنَّ الصوت العالي في النقد لا يتعارض مع المطالبة بإصلاح أمور كثيرة تتصل بالعدالة الاجتماعية وتوفير حقوق المواطن في فرص العمل والكسب وتملك السكن والضمان الصحي والتعليم الجيّد، وغيرها من المُتطلّبات الضرورية. وأنَّ شبكات التواصل الاجتماعي أتاحت الفرصة فيما يتعلّق بإظهار رؤى المواطنين في بعض القضايا المتعلقة في عناصر قوة الدولة" السياسية والاجتماعية والاقتصادية والخدماتية"، واذا أخذنا الصوت العالي المُتذمر بنقائه وعفويته وصدقه في النقد؛ فلماذا لا نقبله؟، ولماذا نشكو منه؟، ولماذا لا يأخذه المسؤول المُوجه له النقد على أنَّ كثيراً مما يُشتكى منه حق؟. مع سعيه إلى إصلاح وجوه الخلل فيه .
إذا كانت حقوق المواطنين تضيع في دهاليز بعض المؤسسات والإدارات الحكومية العتيقة، وعدم قدرة المواطن الضعيف الذي لا يجد من يدعمه وينتشل معاملته من الضياع أو النسيان أو الحفظ أو الترضية بأقل وأسوأ ما يمكن على الحصول على حقّه، :"أين يذهب هذا المواطن؟، ولمن يلجأ وهو يجد متنفسه للتعبير عن غضبه على تلك الإدارة المتسيبة في وسائل التواصل الاجتماعي؛ مثلاً.
وفي النهاية : أنَّ المجتمع حينما لا يُقدّم له خططاً يجد فيها نوعاً من التفاؤل والتصورات المستقبلية فإنَّ التذمّر يصبح أمراً واقع لا محالة، خاصةً أنَّ نسبة التفاعل عادة لا تُبنى أبداً على التخيّلات، و أنَّ النقاشات والدردشات الإلكترونية هي واقع نعيشه فعلياً. و النقد الساخط الطامح إلى إصلاح وجود الخلل، أجدى من صمت الطويل الذي يؤدي الى الوهن، و أسلم من الانحراف إلى طريق آخر معوج لا يخدم المصلحة العامة.
والتعبير عبر شبكات التواصل الاجتماعي يُعدّ بحثا عن الحلول، و لماذا نستكثر النقد والتذمر والشكوى إن كانت حقاً؟، أليست الشكوى عند الطبيب الناجح سبيلاً إلى استكشاف العلَّة والبحث لها عن علاج؟.
وأنَّ بعض المسؤولين عندما تلاحقهم الانتقادات اللاذعة عبروسائل التواصل الاجتماعي اوعبر الصحف اليومية، في ظل محاولتهم الاجتهاد، قد يصيبهم ذلك باليأس نتيجة أنَّ هذه الانتقادات حاصلة لا محالة في كل الأحوال، وأنَّهم سيشعرون حينها بالإحباط، علما بأنَّ الانتقاد بشكل عقلاني ومنطقي سيوجد مساحةً لمعالجة التقصير.
ولذلك ندعوا المسؤولين إلى التواصل مع المواطن بشكل دائم، لا أن يكون ذلك وقت حدوث الأزمات. رغم أنَّ هناك توجيهات ملكية من جلالته تقضي بضرورة التواصل مع المواطنين.
الدكتور مفلح الزيدانين: دكتوراه في التخطيط الاستراتيجي وادارة الموارد البشرية