-1-
التاريخ لا يكرر نفسه، ثمة طبعات "مزيدة ومنقحة" من الأحداث، زيادة هنا ونقصان هنا، كنا نعلم أن قصة قانون ضريبة الدخل دخل في إفاءة فقط، كما كان يفعل الرئيس المصري السابق حسني مبارك، حين يواجه قانون ما باحتجاج، أو رد فعل غير مستحب داخليا أو خارجيا، كان يقول: "ننيّمه" والنوم موت مؤقت، لكنه ليس موتا، قانون الضريبة نام قليلا، بل ربما كانت "تعسيلة" لا أكثر، ليعود بكل شراسة، مطلا بوحشيته نفسها،مع عملية "ميك أب" خفيفة، لإخفاء ما لا يمكن إخفاؤه!
-2-
لست اقتصاديا ولن أكون، لكن قراءة مشروع القانون، واستبطانات وقراءات المحللين فيه وحوله، تشي بأن المُسكن الذي بلعه "شباب الرابع" ومن معهم، انتهى مفعوله، وأزفت لحظة الحقيقة، فلا يكاد يكون شيء قد تغير، فقط ثمة "جمل مطرح جمل برك" واللي مش عاجبه يسف الرمل، فلا بحر لدينا لشرب مائه، وشرب ماء البحر بالتأكيد أرحم من سف تراب البادية!
-3-
لو وسعنا قليلا فتحة الفرجار، سيهولنا ما نمر به، فسياسيا البلد في حالة انتظار، تنتظر ما سيفرض عليها مواجهته، واقتصاديا لا أفق لانفراج إلا إذا طأطأت الرأس، ومن يدري كم يمكن لها أن تصمد، من يطل على حقائق الأمور يصاب بالهلع، قبل أيام جاءتني فاتورة مياه بما يزيد عن 90 دينارا، وقد كانت فاتورتي في السابق 7 دنانير، حين استفسرت من وزير المياه، قال لي أن الخلل في الـ 7 دنانير، لا الـ 90؟ يعني؟ سألت، مدير شركة مياهنا، قال لي خير لك أن لا تعترض، لأن هناك خللا في عدادك، وركبنا لك عدادا جديدا، ومن المفترض أن نحاسبك على الفترة الماضية، قلت: يعني أنتم تخطئون وأنا أعاقب على خطئكم؟ المذهل هنا أن الرجل قال لي أن فاتورة الكهرباء الخاصة بالشركة 9 ملايين دينار ولم تتم جباية غير 7 ملايين ، أو هكذا أذكر، يعني؟ هناك مليونا دينار عجز في الفاتورة، دون احتساب بقية مصاريف الشركة!
-3-
.. وقل مثل هذا عن بقية قطاعات الدولة، الأرقام مخيفة، والمستقبل غامض، والشباب الذين خرجوا للرابع، اعتقد غير جازم طبعا، أنهم لن يخرجوا، وإن فعلوها فلن يحصل شيء جديد فعلا، نحن في أزمة، وقصة الفساد ومحاربة ناهبي المال العام لا حل جذريا لها، فالمرض في مراحله المتقدمة جدا، وإن تم القضاء عليه، سنتذكر المقولة السوداء: نجحنا في القضاء على المرض، لكن المريض مات!