اذا كتب الله تعالى لمجلس النواب دورة استثنائية فإن من اهم القوانين التي يجب عرضها ومناقشتها قانون الضمان الاجتماعي الجديد, وهو أولى وأهم من قانون الضريبة الذي ارادت الحكومة اقناع النواب به, فأخذت بعضهم الى القاهرة في رحلة جميلة للاستماع الى وزير المالية المصري ليقنع نوابنا بالقانون, قانون الضمان عانى من تردد الحكومة ولهذا مر عليه اكثر من عامين منذ ان تم طرح اول مسودة له, ولهذا استغلت ادارة الضمان كل هذا التردد لتقوم إيجابيا بحوارات مع العديد من الفاعليات حتى ظهر وكأنه قانون يتيم.
والقانون الجديد مهم لأنه يحمل العديد من الحقوق الإضافية لمنتقاعدي الضمان مثل تأمين البطالة وبعض حقوق المرأة ويضع البدايات لفكرة التأمين الصحي لغير المؤمنين من متقاعدي الضمان الاجتماعي.
والقانون مهم ايضا لأن فيه ما يضع سقفا للحد الأعلى من الراتب التقاعدي ويوقف بعض عمليات التحايل التي كانت تتم على حساب اشتراكاتنا جميعا عبر رفع كبير للراتب خلال السنتين الاخيرتين من العمل ليحصل البعض على آلاف الدنانير, فالسقف الاعلى ضروري حتى تكون المعادلة عادلة.
اما التقاعد المبكر فهو القضية التي تثير جدلا, وربما كان الحديث فيها سببا في أن الناس لم تعرف من القانون الجديد الا التقاعد المبكر والتعديلات المقترحة عليه, لكن الامر محل بحث وحوار, وما وصلت اليه مسودة المشروع الأخيرة ان القانون الجديد لن يمس حقوق من استحقوا الاستفادة من التقاعد المبكر وفق القانون الحالي, وبهذا فإن رفع سن التقاعد المبكر تدريجيا ورفع عدد سنوات الخدمة تقلل حالة الجدل حوله, لكن علينا ان نشير الى ان نسبة ليست قليلة من التقاعدات المبكرة خلال السنوات الماضية كانت المستفيدة منها الشركات الكبرى التي تمت عمليات بيعها وأرادت التخلص من العمال والموظفين ومنحتهم حوافز مالية وذهبت بهم الى التقاعد رغم مخزون الخبرة وأنهم من الجيل الشاب, اما من دفع الثمن فهو العامل والموظف وصندوق الضمان الاجتماعي حتى اصبحت نسبة التقاعد المبكر عالية جدا.
القانون الجديد يحمل في مواده امورا ايجابية كبيرة وحقوقا اضافية للمشترك والمتقاعد, لكن ما يجب الانتباه اليه انه يجب ان يحمل ما يجعله يحافظ على الراتب المتدني كراتب وليس معونة او صدقة, فالغالبية العظمى من المتقاعدين هم من اصحاب الرواتب المتدنية أي اقل من 200 دينار, وهنالك حاجة الى ان نضع للمتقاعد حقا منتظما ودائما في حد ادنى للراتب التقاعدي لا يقل عن الحد الادنى للأجور, فالمعادلة الاجتماعية اهم من معادلات اخرى, وان تكون هناك زيادة سنوية منتظمة غير مرتبطة بمزاج الادارة او الحكومة, فمن يستعرض السنوات العشر الاخيرة مثلا سيجد كم هو حجم الظلم الذي تعرض له المتقاعدون, فآخر زيادة كانت في العام 2008 وكانت 30 دينارا بينما كانت الزيادة للجهاز الرسمي 50 دينارا, واليوم لم يصل للمتقاعدين زيادة هذا العام بحجة وجود قانون جديد قد لا يأتي حتى نهاية العام, وما بين العام 2001 وحتى 2008 لم تحدث زيادات ملموسة على التقاعد, وهذا ما يدعونا الى ان ننادي ان يكون القانون حافظا لحقوق الطبقة العظمى بل كل المتقاعدين في نمو طبيعي ومعقول للراتب تناسبا مع ارتفاع الاسعار.
وما لم ولن يفعله مجلس ادارة الضمان ويمكن لمجلس الامة ان يفعله اعادة النظر بتركيبة مجلس ادارة الضمان الذي لم يعد ممثلا لكافة مشتركي الضمان, فإعطاء 4 مقاعد من اصل 15 مقعدا لنقابات العمال لم يعد معبرا عن مصالح العمال لأن النقابات العمالية اخذت هذا الدلال لأن الحكومات كانت ترى فيها امتدادا لها, ولو كان هذا الثقل فاعلا لما لحق الظلم بالمتقاعدين وصمتت رواتبهم عن النمو او لم يحصلوا على زيادات حقيقية في سنوات كثيرة, ولهذا فإن اعادة النظر بتركيبة مجلس الادارة ضرورة كبرى لإعطاء المجلس صفات تمثيلية أكبر وخبرات اقوى لإدارة مؤسسة مستقبل الاردنيين.
قانون مهم نتمنى ان لا يجد مزيدا من التعثر لأن الهدف الحفاظ على مستقبل المؤسسة واستمراريتها وتأمين حياة كريمة للمتقاعد في شيخوخته.
sameeh.almaitah@alghad.jo