اوباما .. مقاربة شديدة التعقيد !!
د.احمد القطامين
06-06-2009 07:30 PM
تمكن الرئيس الامريكي باراك اوباما ان يقدم مرافعة معقدة للغاية امام اكثر من مليار شخص كانوا يتابعونه عبر محطات التلفزة العالمية وشبكة الانترنت حول العالم. فقد نجح نجاحا منقطع النظير في تقديم صورة حقيقة رائعة عن الاسلام مستشهدا بعدد من الآيات القرآنية ذات المدلول الانساني والفكري والفلسفي العميق والمباشر.. وشكلت تلك مكسبا كبيرا نادرا للاسلام والمسلمين .. فليس من المعتاد وحتى المتصور ان يستخدم منبر استراتيجي هام كخطاب لرئيس امريكي للحديث عن الاسلام القوي اخلاقيا وانسانيا والمتسامح مستشهدا بآيات من القران الكريم في لحظة تاريخية نادرة كانت كل الاضواء فيها مركزة وبكثافة غير مسوبقة على كل كلمة يقولها رئيس الدولة الاكبر والاكثر تأثيرا في حياة البشرية المعاصرة. فلم يكون هنالك خبر آخر غير خطاب اوباما يحظى بصدارة الاحداث العالمية في تلك اللحظات التي كان فيها اوباما يخاطب العالم من على منبر جامعة القاهرة.
هذا المشهد وتفاعلاته عبر العالم قد يساهم بشكل فعال في إخراس الأقلام الغربية التي وجدت ضآلتها في التهجم على القران والرسول الكريم خلال السنوات الماضية.. وعلى المختصين من العرب والمسلمين الاستفادة من هذا الدعم غير المتوقع وغير المسبوق في مواجهة تلك الاقلام الحاقدة والمتطرفة.
هذا من جهة، اما من الجهة الاخرى فقد فشل اوباما في تقديم اي جديد على محور القضايا السياسيةالشائكة من خطابه.. فقد كان صريحا في القول ان علاقة امريكا باسرائيل علاقة غير قابلة للانفكاك..مما يعني عمليا انه غير قادر فعليا على احداث تغيير يذكر في سلوك اسرائيل كدولة فوق القانون الانساني والدولي.. وان العربدة الاسرائيلية الوحشية ربما ستستفيد من معطيات هذا الموقف لممارسة المزيد من الاعتداءات على الشعب الفلسطيني في الاسابيع والاشهر القادمة.. وهذه نقطة تحتسب ضد اوباما.
اما في مجال الاصلاح الاجتماعي والسياسي والديمقراطي في المجتمعات العربية والاسلامية فقد سجل خطاب اوباما تراجعا واضحا وخطيرا في هذا الجانب.. واصبح من الواضح لدى بعض الانظمة العربية ان بإمكامنها ان تدعي انها حصلت على ضوء اخضر من اوباما لمواصلة اغلاق مجتمعاتها امام رياح التغيير.. وربم ستلجأ الى وقف بعض برامجها الخجولة للتحديث والاصلاح، وكانت هذه ايضا نقطة تحتسب ضد اوباما الذي كما يبدو وقع تحت تأثير بعض من مستشاريه المعروفين بعدم ايمانهم بقدرة الديمقراطية والاصلاح في العالم العربي والاسلامي على خدمة اهداف السياسة الامريكة في المنطقة وحول العالم..
qatamin8@hotmail.com