«الديمقراطية» مصطلح لا يختلف عليه اثنان في العالم باستثناء الحكومة الاردنية التي ترى الديمقراطية بعيونها وتفهمها على طريقتها وتطبقها على كيفها!!دهشت بالامس وانا استمع الى اثنين من كبار الاعلاميين الذين يتبؤون مواقع هامة في الدولة وهم السيد ناصر جودة الناطق الرسمي باسم الحكومة والسيد طارق المومني نقيب الصحافيين، وهما يتحدثان عن منع صحيفة المجد من الصدور قبل أيام.
لا اظن اولا ان السادة المحترمين لا يدركون مفهوم الديمقراطية وحرية التعبير فهم رجال ذوو ثقافة كبيرة ولا تنقصهم الدراية او الفهم، ولكن كلامهم جاء مجافيا للمنطق، ومتناقضا مع مبدأ الحرية والديمقراطية الذي ننادي به جميعا وقاتلنا كلنا في الوسط الصحفي كتفا الى كتف لرفع هامشه وعدم تقييد حرية المواطن الاردني في المعرفة من خلال وسائل الاعلام الشرعية!
السادة جودة والمومني ادانوا جريدة المجد وحكموا عليها وهم ليسوا قضاة وحملوها مسؤولية ما حدث دون اعطائها الحق في الدفاع عن نفسها ووافقوا على مصادرة حقها في ابداء الرأي ونشر المعلومة، وحتى لو سلمنا بالمنطق الذي يتحدثون به وهو ان من حق موظف في مطبعة او في دائرة حكومية ان يمنع صحيفة من الصدور فلماذا حاربنا سنة كاملة من أجل قانون مطبوعات عصري لا يسجن صحفي ولا يدين صحيفة الا بعد محاكمة عادلة!!
ماذا أبقينا للقضاء يا سادة ان كانت الرقابة المسبقة ما زالت قائمة في الاردن.
من هو الذي يخالف القانون؟
هل هو فهد الريماوي أم ناصر جودة!! لماذا لا نعطي فرصة للقضاء ليدين الريماوي ويصدر أمرا باغلاق الصحيفة، ان هي اساءت لأمن الوطن ومصالحه ولن نغضب لو تم اعدام الرجل ان ثبتت خيانته نتيجة عمالته لجهات خارجية علما ان السؤال الذي نطرحه على «الرقابيون» هو: منذ متى كانت المصادر الاستخباراتية ممنوعة على الصحافة في العالم.
ألا يعرف السادة المدافعون عن حق المطبعة في الرقابة المسبقة ان اهم الاخبار والمعلومات الهامة والخطيرة في العالم مصادرها أجهزة مخابرات في دول مختلفة من العالم اوليست الصحافة هي احدى قنوات التسريب وبالونات الاختبار لكافة اجهزة الاستخبارات ولا نبالغ ان قلنا ان هذه الأجهزة ومن ورائها الحكومات تخوض حروبها الباردة في الصحافة قبل ان تدخل في المواجهات الساخنة في ساحات الحرب.
لا ابالغ ان قلت ان تكريس الرقابة المسبقة على الصحف، والتشريع لها يعني ان حلم الاردنيين في ديمقراطية حقيقة أصبح سرابا، وعلينا ان نعترف ونسمي الأشياء باسمائها، فاما قوانين تشرع الرقابة المسبقة على الصحف، ولن نعترض ما دام هذا هو الخيار الذي يحمي مصالح الاردن وأمنه وننسى الشعارات الزائفة في حرية وحق تعبير وديمقراطية او اننا نعلن بصوت عال وواضح (Loud and clear ) ان الرقابة هي للقضاء الاردني وليست لاجهزة الحكومة مع احترامنا الشديد لاجتهاد بعض الموظفين المتحمسين الذين يجرنا اندفاعهم الى ندم واحباط.
مطلوب من المدافعين عن الحريات والديمقراطية ان يغيروا شعاراتهم ويحولوها الى عناوين جديدة مثل السلطة القضائية هي مرجعيتنا وليست السلطة التنفيذية او نريد التقاضي امام قاض وليس امام موظف مع احترامنا الشديد لكل الموظفين وتقديرنا لجهدهم واجتهادهم!
وأخيرا نريد ديمقراطية حقيقية وليست ديمقراطية مفخخة لا ندري متى تنفجر تحت اقدامنا لتحول السلطة الرابعة الى سلطة تابعة!!