محاضرة الرزاز .. اكاديمية بالشكل مع غياب المضمون
د.احمد القطامين
10-09-2018 02:51 PM
اختار رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز ان يرتدي الزي الاكاديمي في اول اطلالة عميقة ومعدٌ لها جيدا على المجتمع الاردني كرئيس للوزراء. فمن حيث الشكل كان رئيس الوزراء يقدم شيئا جديدا غير معهود في تخاطب الحكومات المتعاقبة مع الشعب. فقد كان هادئا ومبتسما بتحفظ في العديد من اللقطات وابتعد عن اسلوب الفهلوة المنفرة التي كانت واحدة من اكثر الاساليب استخداما من العديد من رؤوساء الوزرات خلال العقد الماضي.
اذن نستطيع ان نقول ان المحاضرة كانت اكاديمية بامتياز من حيث الشكل الا انها لم تنجح كثيرا في اجتياز اختبار السمة الثانية للمحاضرة الاكاديمية وهي متانة المضمون وقدرته على احداث فرق نوعي في الفهم والتعاطف عند المتلقين.
فالمحاضرة الاكاديمية ليست محاولة للاقناع، بل تسعى الى طرح الحقيقة حول موضوعها بتجرد وحيادية وعمق، تاركة للمستمعين حرية تحديد مواقفهم منها كل حسب خلفياته العلمية والثقافية ومدى ادراكه لطبيعة المعطيات التي تتضمنها الفكرة، اي ان عملية الاقتناع تتم بطريقة نابعة من الفهم التام للموضع وبالتالي التحديد الواعي للموقف منه.
في محاضرته، كان الدكتور الرزاز يسعى بين حين وآخر الى حقن افكاره بدفقات حادة من الاقناع خاصة عند الحديث عن مشروع قانون التعديل الضريبي الذي شكل المحور الاساسي في محاضرته، وهنا ابتعد المحاضر عن صبغة الاكاديميا التي تتطلب تقديم الموضوع بشكل متسلسل ومنهجي وواضح مع الابتعاد عن الدعاية التي تقود الى فرض الفكرة المطروحة على المتلقين لها فرضا.
طبعا الدكتور الرزاز يحمل شهادة الدكتوراه وبالتالي هو اقرب الى الحالة الاكاديمية منها الى حالة موظف كبير في الدولة اصبح فجأة رئيسا للوزراء، وهذه تعتبر نقطة قوة في اداءه الفكري في وظيفته الحالية.
اما لماذا كان يتنقل بين الحالة الاكاديمية والحالة الاخرى اثناء محاضرته؟.. فقد تكون ضرورات "مد الرجلين على قد اللحاف" تفعل فعلها، حيث ان "ليس بالامكان اكثر مما كان" في ظل الاوضاع الصعبة اقليميا وعلى خلفية الدمار الاقتصادي والاجتماعي الهائل في هيكلية الاسعار ومستويات معيشة الفئات الشعبية المختلفة وفي منظومة الامن الاجتماعي والنفسي للشعب الذي تسببت به السياسات غير المدروسة جيدالآخر حكومتين قبل حكومة الرزاز.
في كل الاحوال ندعو الله التوفيق والنجاح للحكومة وللوطن..
qatamin8@hotmail.com