غديره الأول:-
المدن كما النساء بعضهن يكتفي بدورهن الأول في الإنجاب فقط، وأخريات شريكات يصلن بأدوارهن الإنسانية حد الأمومة حضورا وحياة. والكرك مدينة من النوع الثاني من الإناث والمدن، فهي ولود ولا تقبل الحياد ولا يغريّها عادة الاستمرار بالوقوف معه كما تثبت الشواهد والوقائع التاريخية في انبثاق الثورات والصناعات والإبداعات الفكرية والعلمية لهذه الحاضرة وتأثيراتها الدائم على محيطها الوطني والعربي الإسلامي على الدوام.

ويبدو لي أن لديموغرافية الكرك- جغرافيا وإنسان- الشاهقة الوضوح والانكشاف مُجسدة بقلعتها "المبنى والمعنى" والمسوران بحصانة الوعي المتقدم، ومنذ ذلك الحين جعلا من المدينة موقفا قائما بذاته وليس لذاته أي منذ ما يزيد على ألفي عام حيث بناها القائد المؤابي ميشع والذي صممها وشيدها على فضاء لافت وبمساحة- 450م طولا في عرض تقريبا- لا تقل دلالة من حيث العبقرية والخلود عن مسلته التي ذكر فيها انه هو الذي بنى" كركا بالآرامية- المدينة المسورة التي تعلو تلا".

كثفت الذي سبق كي أقول أن هذا التاريخ قد آهل المدينة وإنسانها المُغالب كي تهزم العبرانيين وتتحرر منها القدس وتنتفض على الأتراك العثمانيين وان تتواصل مع حضنها العربي الإسلامي التليد مع الهاشميين وقيادتهم العربية في الأردن؛ وان تكون مبادرة في الوقوف بجرأة بالضد من سياسية بعض الحكومات الأردنية في مطلع ومنتصف تسعينات من القرن الماضي قبيل التحولات الديمقراطية في بلدنا الناهض . والسؤال هنا هل تركت هذه الخصائص الديمغرافية بعضها أو جلها؛ أثرا واضحا على شخصية أبناء الوطن الذين قطنوا أو ولدوا في الكرك ومنهم الأديب المشاكس والبري خالد محادين ؟؟برغم كُثرة الإعمال والإدارات العليا التي اشغلها في الحكومات الأردنية المتعاقبة ،وهو الذي ولد في الكرك وقرب قلعتها تحديدا؟؟؟ وهو الذي رفد المكتبة الأردنية العربية بالكثير من الأعمال الكتابية ومن شتى أجناس الإبداع بما فيها كلمات لأغان أردنية كثيرة .

المبدع خالد

* سبع وستون عاما وعام تلك التي انقضت من رصيد عمره المديد –بأذن الله – ولكنها لم تشي للقارئ والباحث معا أنها قد صدته أو جعلته مترددا في إطلاق حروفه وخطواته المضادة للفساد والإفساد بداء وفي الخاتمة، فهل ثمة تماثل ما بين طباع الكرك المدينة /الموقف وبين ابرز الخصال التي يتحلى بها هذا الأديب والشاعر الذي يمحل آهاتنا كمواطنين، لا بل ويجاهر بها دون حشرجة أو رعشة أو استدارة على وضوح النون في الأردن أو حتى الضاد في لغتنا وقسماتنا العربية ؟؟

* ليس سهلا الركون إلى المقولة الدارجة التي تقول"الشعر أجمله أكذبه، وكأنها توحي لنا كقراء ودارسين بأن الشعر نوع من الرياضات اللغوية التي يطلقها البعض ليتركنا نبحث عن شوا ردها؟؟ خصوصا وأننا أمام شاعر ممارس لحياته اليومية والشعرية من إيمان ناجز "بأن الكلمة رصاصة مُبصرة فليقل كل منا كلمته" وفوق هذا مبدع أردني عربي وإنساني يحض كل واحد منا خصوصا أصحاب الأقلام والأفكار مذكرا " قول كلمتك ولا تمش".

* مساء غد .. ستحتضن الكرك الثقافة والمدينة وملتقاهما خالد محادين؛ الابن الفريد بمناكفاته الموقفية والشعرية على صراط الوطن في العين الأولى ؛أما العين الثانية فترنوا إلى استضافة كل المبدعين من أبناء الوطن كجزء من فرض العين علينا كأردنيين في الوفاء المتواصل لكل من تأبط حرفا أو مبادرة وانجازا ضمن مسيرة أردننا الصابر والجميل وضوحا كحداء أهلنا الحصا دين، وهجيني أبنائنا وبناتنا الفرحين على مداد الروح ومياه الحياة في سرائرنا ووفائنا كمحبين للحياة ونجومها على الدوام، .