إلغاء المزايا الوظيفية للرؤساء السابقين للجامعات الرسمية
أ. د. انيس الخصاونة
08-09-2018 06:50 PM
من التقاليد الإدارية المتعارف عليها محليا وعالميا أن المزايا والمكتسبات الوظيفية التي يحصل عليها الموظفون الذين يشغلون مواقع قيادية هي مكتسبات ومزايا لشاغل الوظيفية وليس لشخصه، وأن هذه الامتيازات في أغلب الحالات تهدف إلى تسهيل أداء الموظف لعمله وإلى تمكينه من النهوض بمتطلبات وظيفته.إن انتهاء عمل المسؤول ينبغي أن يترافق معه وقف وانتهاء تمتعه بأية امتيازات وظيفية مهما كان نوعها ،خصوصا وأن وطننا يمر بضائقة اقتصادية تتطلب توفير أي نفقات غير انتاجية أو غير ميررة.بانتهاء وظيفة المسؤول يتحول إلى مواطن عادي ولا يوجد مسوغ لاستمرار تمتعه بمزايا وظيفته السابقة.
سقنا هذه المقدمة التي ربما تنطبق على بعض المسؤولين الذين شغلوا مواقع متقدمة في القطاع العام ،ولكننا في واقع الأمر نود هنا أن نركز على رؤساء الجامعات السابقين الذين يصرون على الحصول على مكاسب وظيفية بعد انتهاء مدة رئاستهم لجامعاتهم ،رغم عدم وجود سند قانوني لذلك، ومن أمثلة هذه المكتسبات الحصول على مكاتب خاصة خارج كلياتهم وأحيانا جناح خاص كما هو في إحدى جامعات الشمال ،وتأثيث ومعدات لا تتاح لزملائهم المدرسين، وسكرتاريا وغير ذلك.لا نعلم مبرر أن يكون لرئيس جامعة جناح خاص أو مكتب بعيد عن كليته!ولا نعلم كيف يمكن تخصيص مثل هذه الامتيازات دون وجود سند قانوني أو تشريعي لذلك وكيف يمكن لديوان المحاسبة أن يغض الطرف عن هكذا ممارسات.
أما من الناحية العملية فإن رؤساء الجامعات السابقين عند انخراطهم في العمل التدريسي لا يحتاجون للسكرتاريا ،إذ أن عملهم كأعضاء هيئة تدريس ينصب على المحاضرات والإشراف على اطاريح طلبة الدراسات العليا ، وهذا بالتأكيد لا يتطلب سكرتاريا إلا إذا كان المقصود من ذلك أغراض وجاهية واجتماعية.من جانب آخر فإن الرؤساء السابقين للجامعات الرسمية أصبحوا جيشا جرار وتجاوز عددهم إمكانية هدر المال والموارد البشرية لا لشيء إلا للمحافظة على البريستيج والصورة الاجتماعية.كثير من هؤلاء الرؤساء يشغلون الإدارات الجامعية باختيار مواصفات سكرتيراتهم وتبديلهن والتدخل لتحسين أوضاعهن مما يصرف إدارات الجامعات عن الاهتمام بشؤون أكثر إلحاحا.رؤساء الجامعات السابقين تحصل لهم بغير وجه حق امتيازات كبيرة منها حصول رئيس الجامعة مجرد تعيينه رئيسا على أعلى أقدمية في الجامعة ،وقفزه عن أقدميات زملائه ممن أمضوا عشرات السنين في التدريس وخدمة الجامعة .هذا القفز في الأقدمية ظالم وغير مبرر وينبغي أن يعاد النظر فيه حيث أن تعيين رئيس جامعة لمدة يوم واحد تجعله يتمتع بأقدمية تزيد عن ثلاثين سنة خدمة!
نحن ندرك تماما بأن ما تناولناه آنفا يشمل عدد من المسؤولين من غير رؤساء الجامعات فنحن نعلم عن رؤساء وزارات سابقين يتمتعون بامتيازات الحراسة والمرافقة الأمنية وربما يحصلون على محروقات مجانية لسياراتهم وامتيازات أخرى يعرفها القاصي والداني ،وأعتقد بأن هؤلاء هم أولى بأن يكونوا قدوة لغيرهم وعليهم أن يدركوا أن المواقع التي شغلوها تكليفا لهم ، وأنهم بعد خروجهم من مواقعهم أصبحوا مواطنين عاديين لا يستحقوا أية امتيازات خصوصا إذا كان أدائهم فقيرا ومتدنيا.على رؤساء جامعاتنا ومسؤولينا أن ينظروا إلى نظرائهم في دول أخرى حيث لا يتمتعون بأية امتيازات بعد انتهاء ولايتهم لا بل فإن رؤساء حكومات وقادة دول أوروبية وآسيوية لا يتمتعون بأي امتيازات أثناء وجودهم في السلطة، وليس فقط بعد خروجهم منها. ندعو المسؤولين في السلطتين التنفيذية والتشريعية لمراجعة هذا الاستخدام الجائر لموارد جامعاتنا ومؤسساتنا لخدمة قيادات لم يعد لها صفة رسمية أو وظيفية لتتمتع بمكاسب وظيفة لم تعد تشغلها ...ارحمونا