مأسسة حقيقية ومظلة واحدة للعمل الشبابي
د. طارق زياد الناصر
08-09-2018 03:43 PM
في اليوم الاول لأي فصل دراسي وعند دخولي إلى محاضراتي أبادر بالتعرف على طلبتي وبناء حوار بسيط معهم لكسر الحاجز الاتصالي بيننا، وعادة ما يقوم الحوار على مجالات اهتماماتهم وانشطتهم اللامنهجية ودورهم في مجتمعاتهم، لكن وباعتبارهم مجموعة قياس للشباب ألاحظ وللأسف ابتعاد غالبيتهم ومن مختلف السنوات الدراسية والبيئات الاجتماعية عن الانشطة المجتمعية واللامنهجية، وعدم معرفتهم بوجود مؤسسات معنية بإرشادهم الى العمل العام وتهيئة الظروف لمشاركتهم في مختلف مناحي الحياة العامة، ما يعني بالضرورة انتباه هذه المؤسسات الى هذا الجيل وتطوير برامجها كما ونوعا، والعمل على بناء قنوات اتصال فاعلة معهم للوصول الى العدد الاكبر من خلال هذه البرامج وتحقيق اهدافها المرجوة .
على الصعيد الشخصي كانت أهم محطات دخولي الى العمل العام عمادة شؤون الطلبة في جامعتي اليرموك، التي منذ تأسيسها وهي تقدم للوطن شبابا مبادرا قادرا على الانجاز، ولدي قناعة بقدرة فريق العمل الموجود حاليا في شؤون الطلبة على تطوير دور العمادة وتوسيع قاعدة مشاركة الطلبة في الانشطة العامة، لكنني ايضا اعتقد وعلى المستوى العام بوجوب بناء شراكات واسعة مع المؤسسات الشبابية الوطنية حكومية وشبه حكومية وخاصة او دولية، وهذا يحتاج الى تغيير النمط الفكري السائد في هذه المؤسسات ورؤية واضحة توجه للشباب الجامعي من خلال عمادات شؤون الطلبة في الجامعات الاردنية، بالإضافة الى الاتصال المباشر مع الشباب وبناء قناعات حقيقية لديهم بأنهم قادرون على التغيير والعمل الايجابي.
هذا البناء يحتاج في الدرجة الاولى الى اعادة هيكلة نهج عمل هذه المؤسسات، وتطوير قدرات العاملين فيها خروجا من العمل المكتبي الى الميدان، وبناء العمل على اسس علمية ودراسات حقيقية لواقع الشباب واحتياجاتهم وربطها بأهداف المؤسسات وبرامجها الثابتة، بعيدا عن البرامج الوهمية او غير واضحة النتائج ان جاز لنا التعبير والتي تمثل هدرا كبيرا في الموارد المخصصة للشباب، وهذا ما نريد الخروج منه سريعا وصولا الى استراتيجية وطنية واضحة المعالم قابلة للتطبيق والقياس.
منذ سنوات كان لي شرف حضور لقاءات شبابية تحت الرعاية الملكية وحظيت بشرف التطوع في مؤسسات ومبادرات وطنية مميزة، وقد تابعت كل الاوراق النقاشية التي نشرها جلالة الملك لأصل إلى نتيجة لا تخفى على اصحاب الاهتمام مفادها ان جلالته حريص على مأسسة العمل الوطني وبناء شراكات حقيقية بين مختلف المؤسسات وصولا لتحقيق رؤيته للمستقبل التي تعتمد على الشباب، فنجده يخاطب الشباب من رواد العمل الاجتماعي من أجل تنمية حياتنا السياسية والمجتمعية في ورقته النقاشية الرابعة ما يجب اعتباره توجيها ملكيا متجددا للمؤسسات بالاهتمام بصوت الشباب ودعمهم، ويجدد الاشارة اليهم في الورقة الخامسة لتعميق التحول الديمقراطي بدءا من المدرسة والمجالس الطلابية وصولا الى شمولية العمل الشبابي، ويعزز جلالته في الورقة السادسة رؤيته للشباب بالتوجيه لتطوير إدارة الدولة لإبعاد الاحباط والفكر الظلامي عن طريق شبابنا المحب لوطنه والذي يحتاج لبرامج نوعية قادرة على خدمته.
جوهر ما نحتاجه وفقا للرؤية الملكية كما اعتقد هو الشراكة المبنية على حوار وطني يجمع المؤسسات الشبابية والمهتمين بهذا الشأن، وصولا الى دمج ذكي ونوعي للمبادرات والمؤسسات بحيث تعمل كل منها بشكل مستقل تحت مظلة واحدة، ونهج محدد يخدم الجميع ويسهم في تطوير الانجازات الوطنية وتعظيمها على مبادئ الشراكة والشفافية والصدق ووضوح الهدف مع قبول الاخر والابتعاد عن الاقصاء .
tareq@yu.edu.jo