حينما تعلو صيحات التجديد ،فكثيرا ما يقع في ظننا أن نستخف بالتقليد!وحين يكون التقليد تراثا قديما قد إنحدر الينا منذ آلاف السنين (ما قبل الميلاد)فقد يدعونا قدمه الى الشك في قيمته والا فماذا عسى ان يكون في وضع مثل أفلاطون أن يقوله لانسان الربع الاخير من القرن العشرين ؟او ماذا يستطيع مفكر مثل ابن سينا أن يقدمه للانسان المعاصر في أزمته الحضارية الراهنة ؟
انه ليس أيسر علينا بطبيعة الحال من أن نتنكر للماضي ،بحجة انه قد أصبح قيدا يقيد حركتنا في الحاضر ،أو بدعوى انه عائق قد يحول دون انطلاقنا نحو المستقبل .ومن هنا فان الماضي نفسه حاضر في تاريخنا المعاصر بأي وجه من الوجوه كما ان التراث القديم لا بد من ان يبدوا لأبناء كل عصر بمثابة حصيلة حضارية قائمة ،لا بد لهم من أن يحددوا موقفهم منها .والسؤال الذي يفرض نفسه علينا هل نحن ما نزال بحاجة الى ثراثنا الفلسفي ؟أم أن هذا التراث في عصرنا هذا أصبح تراثا عتيقا عفا عليه الزمن لم نعد بحاجة اليه وقد أصبحنا اليوم نحيا بعصر التقنية والتكنولوجيا والعقول الالكترونية ،فليس من الغرابة أن نميل الى الاستهانة بتأملات الفلاسفة واوهامهم الميتافيزيقية ومدنهم الفاضلة وكثيرا ما يعجب البعض حين يرانا ما نزال ندرس نظرية افلاطون او مذهب ارسطو أو اهل المدينة الفاضلة للفارابي او غير ذلك من آراء الفلاسفة ربما كان السر في انصراف الكثير عن قرأة كتب الفلاسفة انهم يجدون فيها احلاما واهية قد قضى عليها تقدم العلم والمعرفة أو مزاعم وهمية ،ولا شك ان طالب العلم لم يعد يجد متسع من الوقت للاستمتاع بامثال هذه الخيالات الفنية.
وهنا يقول قائل :اننا في الشرق العربي ورثنا حضارة روحية أتسمت بطابع ديني فلا مزضع للحديث بالنسبة لنا عن تراث فلسفي يكون له طابع عقلي خاص.
هل توافقون الرأي إننا بحاجة ماسة الى تراثنا الفلسفي لانه الاعلان المتجدد عن امكانية انتصار الكلمة على القوة.