الجامعة الاردنية إلى اين؟
الدكتور ماجد الشامي
05-09-2018 08:26 PM
سيدي صاحب الجلالة، إنّ الجامعة الاردنية (الجامعة الام) في أمس الحاجة لكم ولحنكتكم الأكاديمية والسياسية اليوم أكثر مما مضى. الجامعة الاردنية لو كان لها لسان لخاطبة جلالتكم شخصيا وقالت لكم عن ما يؤرقها . الجامعة الاردنية التي طالما خرجت كوكبة من المثقفين من رجالات هذا الوطن ورجالات الوطن في المهجر ممن تفوقوا على انفسهم.
اليوم تخرج افواجاً من الطلبة الذين هم بأمس الحاجة لعصا سحرية تخرُج بهم إلى برِّ الأمان. سيدي صاحب الجلالة، عندما خرَجت الجامعة الاردنية إلى النور كانت تدار من قِبل عباقرة هذا الوطن وكانت تُخرّج نخبةً من أبناء هذا الوطن الذين لا تزال لمساتهم الذهبية موجودة إلى يومنا هذا.
فهنالك من كانوا من اعمدة الكتاب، ومنهم من كان من اعمدة رجالات السياسة، وهنالك من كانوا من عمالقة القضاة والمحامين، وهنالك من تفوقوا على أنفسهم في الاقتصاد، ولا نستطيع أن ننسى التفوق في مجال الطب وعباقرتها ومدينة الحسين الطبية واخص بالذكر قسم القلب الذي كان من اشهر الاقسام في العالم.
اما تقريبا ومنذ حوالي ١٥ عاما فالجامعة الاردنية تنهج مبدأ محو الامية فقط لا غير ولا تُخّرج عقول فكرية نيرة قادرة على التفوق على نفسها كما كان الحال في الماضي. ومن يتحمل المسؤولية عن هذا التراجع هم مجالس امناء الجامعات والأكاديميين والإداريين القائمين على ادارة هذه الجامعة والتي من المفروض أن تكون محط انظار جميع العالم كصرح علمي متميز. ولكن يا سيدي اقولها بصراحة نحن في الجامعات نلقن مفهوم العلوم الإداريه نظرياً ولكننا بعيدين كل البعد عن تطبيقاتها العملية وذلك في عدة محاور، فمثلا على الجانب الطلابي هنالك فجوة واضحة وضوح الشمس، ولعل السبب يعود الى الأسلوب التلقيني والقراءة من الشفافيات وعدم فتح المجال للحوار والنقد البنّاء واحترام الرأي وألرأي الاخر.
امّأ على الجانب الأكاديمي هنالك ما اصفه بالتخبط في إصدار التعليمات والقرارات وكل ما يصدر عن مجلس الأمناء وإدارة الجامعة هي تعديلات اما عديمة الجدوى او خالية من المضمون. إضافة إلى ذلك مشكلة اختيار نواب الرءيس او حتى العمداء او رؤساء الاقسام فهي اما خاضعة للعلاقات الحميمة او التأثير السياسي او العشائرية ولا علاقة لها بالكفاءات.
اما فيما يتعلق بالتسلسل الإداري يا سيدي ووحدة الأمر فهو شبه محنط او مجمد. فهنالك الكثير ممن يتجاوزون رؤساءهم لتحقيق مرادهم في عدة أمور على سبيل الذكر الترقيات والإجازات والمجلات المعتمدة لأغراض الترقية وحتى في الشكوى على زميل ان اراد له سوؤاً.
اما في الجانب التجهيزي فإن الجامعة الاردنية عندما أُسست في الستينات فلقد أُعِدت لاستقبال طاقة استيعابية أقصاها ١٨٠٠٠ طالب وليس كما هو الحال الان، حيث يوجد حوالي ٥٠٠٠٠ طالب وطالبة. بسبعة بوابات أصبحت غير كافية لدخول وخروج الهيئة الأكاديمية والإدارية وكذلك إعداد الطلبة، فلو لا سمح الله نشب حريق داخل الجامعة سوف تحدث كارثة إنسانية. اضافةً إلى المباني التي اصبحت عاجزة عن تحمل الاعداد الهائلة من الطلبة والاكادميين والاداريين نهيك عن ان بعض الابنية اصبحت آيلة للسقوط كمبني جيم في كلية ادارة الاعمال، وقاعات التدريس التي تفتقر للجاهزية التكنولوجيية ولا تصلح للتدريس، والنقص في مكاتب الدكاترة الذين قد يضطرون للانتظار ليحصلوا على مكتب واذا حصلت على مكتب يجب أن تكون صبوراً جداً قبل أن تزود مثلاً بكميوتر.
اما فيما يتعلق بأماكن ترفيهية للطلاب او حتى التفكير بها او نشاطات لا منهجية تحبب الطلاب بجامعتهم، فهي شبه معدومة، وهذا ربما أحد الأسباب لظاهرة العنف الجامعي لأننا كرعاةٍ وكل راعي يحس بمسؤوليته عن رعيته وإعدادها، نحتاج لبنية تحتية لتفريغ طاقات الطلبة بطرق إيجابية من ملاعب كرة سلة او كرة يد او كرة طاولة او بولينج او سينما برامج تثقيفية لربما تختفي ظاهرة العنف الجامعي. سيدي صاحب الجلالة هنالك الكثير الذي يجب أن يُعمل في الجامعة الاردنية لتعود إلى عصرها الذهبي والتفوق على نفسها.
ولكن لكي يحدث ذلك فعلى جميع القائمين على ادارة الجامعة الاردنية العمل كل من بموقعه بأمانة ويجب أن يتبعوا شعارّ أساسه "امشي دغروي بحتار عدوك فيك". فالجامعة الاردنية هي امانه تنتقل بين أجيال ومن لا يريد أن يصون الأمانة فهو ليس معنا وانما ضدنا، ومن هو ضدنا لا مكان له في أكبر منارة علمية إرثٌ أردني هاشمي.
عذراً سيدي أن كان كلامي موجهٌ لجلالتكم لأنني على يقين انني احتاج الى أُذنٍ صاغية والله يوفقكم على فعل ما هو في مصلحة الجامعة الاردنية والوطن.
والسلام ختام يا سيدي.