الدولة .. وهيبة الدولة
النائب الاسبق م.سليم البطاينة
05-09-2018 10:48 AM
الدولة هي كيان سياسي يتكون من الأرض والسكان والسياسية، فلا يجوز الخلط بين الدولة وهيبة الدولة، لأن الهيبة معناها الأحترام، فالذي يهدر هيبة الدولة هي الحكومات! فأمراض الحكومات تتفاقم حين تستيقظ ذات يوم على أحتجاجات متزايدة، أو أنتقادات متصاعدة، فالدولة تحكم بهيبتها لا بأجهزتها، وهيبتها هي عدلها التي تمنع الفوضى فتردي الأوضاع الأقتصادية وارتفاع خط الفقر والبطالة وسوء أختيار الأشخاص المعنيون بإدارة الدولة تُعد من الأسباب التي تساعد في انتهاكات كيانات الدولة والتي تؤدي إلى تراكم مشاعر السخط وعدم القدرة على السيطرة على الاركان الاساسية في الدولة، فعدم القدرة على تحقيق العدل يؤدي لثورة غضب في نفوس المواطنين ويبدأ كل شخص في التفكير بآلية يمكنه خلالها ردع الظلم عن نفسه والحصول على حقوقه بالقوة.
الفيلسوف الاسلامي (جلال الدين الرومي) قال ان الامم تموت عندما لا تمتلك القدرة على التمييز بين الحق والباطل فمن إعجاز القرآن أن ذكر كلمة الظلمات جمعاً والنور مفرداً، لان طريق الحق واحد والباطل متعددة.
فالأنسان يعيش ضمن بعدين واضحين له، (الزمان والذي يمثله التاريخ، والمكان الذي تمثله الجغرافيا، فلا تاريخ بلا جغرافيا، ولا جغرافيا بلا تاريخ، فما يعطيه التاريخ تتضمنه الجغرافيا، وما يتضمنه الزمان يتضمنه المكان، فهنالك تبادل للأدوار بين الجغرافيا والتاريخ، فأبن خلدون كتب في مقدمته الشهيرة في القرن الرابع عشر الميلادي قال فيها: عندما تنهار الدول يكثر بها قارعوا الطبول وتختلط فيها المعاني والكلام، ويختلط الصدق بالكذب وتظهر العجائب وتعم الإشاعة، ويتحول الصديق الى عدو والعدو الى صديق، وتظهر إلى السطح وجوه مريبة، وتشح الأحلام ويموت الأمل، وتزداد غربة العاقل، ويضيع صوت الحكماء ويعلو صوت الباطل، وتطرح المبادرات من القريب والبعيد، ويصبح الكل في حالة تأهب وأنتظار، ويتحول الوضع إلى مشروعات مهاجرين، وتكثر النصائح من القاصي والداني، ويتحول الوطن إلى محطة سفر والبيوت إلى ذكريات والذكريات إلى حكايات، فنحن لا نعود إلى التاريخ فقط كي نروي قصصٍ، بل لنعطف الماضي على الحاضر ونستخلص العبر، حيث أننا الأن لا نعرف أين نحن متجهون؟ فلا بوصلة تستطيع تحديد الأتجاه ولا شراع نفرده لنستفيد من سفر رياحه!
أحباط ليس له مثيل بين الأردنيين من خطورة الأزمات التي تواجهها البلاد في الفترة الراهنة، فهنالك من يرا نصف الكأس الفارغ، وأخر يرى النصف الأخر من الكأس، فسلامة الوطن وترسيخ مشروع الدولة الوطنية هو أولوية كبرى، فلا بد لنا أن نقف أمام مبدأ ترتيب الأولويات حينما نضع في أولى أولوياتنا (لقمة العيش ، وكرامة المواطن ، والعدالة الاجتماعية ، ومستقبل الأجيال )، فحالة العناد والمكابرة ورفض حقائق الواقع هو منطق الأغبياء فقط، فمع الغرور تغيب الموضوعية والواقعية في التفكير.
وإذا ما قدر لتلك الحالة بالاستمرار ستصل الدولة الى حالة ارتطام مروعة يدفع ثمنها الجميع، فما علينا إلا أن نعيد ترميم الصدع وتقوية أسس الدولة، فما نحتاجه فعلياً هو نظرة ثاقبة وقرار حكيم، ومصافحة ودٍ ومحبة تعيد الثقة لقلوب الأردنيين التي لم تنبض يوماً بحقد أو كراهية، فلم يعد بالقلوب نبضٌ يدرأ نزف الجراح، فالدولة التي تخسر شعبها يجب عليها أن لا تخسر أحترامه.