قبل شهرين من الان كتبت في نفس الزاوية وتحت ذات العنوان مقالاً حذرت فيه مما يجري
من تجارب للادوية الاجنبية على اجساد شبابنا العاطلين عن العمل, اذ تمكنت بعض المراكز
والابحاث السريرية والمستشفيات الخاصة من اغراء بعض الشباب الاردني مقابل مبلغ "120"
دينار للتبرع بجسده لمدة ثلاثة ايام, من اجل استشعار ايجابيات وسلبيات ذلك الدواء
واثره على جسد الانسان وهي قضية خطيرة استطاعت هذه المراكز والمستشفيات الولوج اليها
والالتفاف على نص قانون الابحاث السريرية الذي من المفترض على وزارة الصحة تعديله
وحصره باجراء البحوث على الحيوان فقط لا غير.اعود للقول بأن نشر هذه الزاوية في "الدستور" ادت لردود فعل كبيرة استطاعت تحريك
المياه الراكدة اذ بدأت فضائية "ابوظبي" باجراء تحقيق موسع حول الموضوع لتسليط الضوء
على هذه القضية الهامة, فيما فتحت المنظمة العربية لحقوق الانسان تحقيقاً في القضية
محاولة الالتقاء مع بعض هؤلاء الشبان الذين اجريت على اجسادهم مثل هذه التجارب لمعرفة
الظروف اللا انسانية التي مروا بها اثناء "الاختبار" اذ يعاملون كما يعامل سجناء
غوانتانامو ولكن "هو الفقر" الذي يدعونا لتقديم اجسادنا, كما قال لي احد هؤلاء في
رسالة وصلتني عبر البريد الالكتروني.
وزارة الصحة التي اتصلت بي بعد نشر المقال اكدت انها محكومة بقانون الابحاث
السريرية وانهم لا يستطيعون ايقاف مثل هذه الفحوصات, لكنها "اي الوزارة" تراقب هذه
المراكز والمستشفيات مدعية ان الوضع.. تحت السيطرة... كما يقولون.
اذاً مصيبتنا ان بعض حيتان الادوية الاجنبية والمحلية يقومون باستغلال جزئية القانون
للنفاذ نحو اخضاع اجساد شبابنا لتجارب ادويتهم ويكاد الشق الانساني ينتهي اذا ما علمنا
ان هذه المراكز والمستشفيات تقوم باجبار "المتطوع" كما يطلقون عليه التوقيع على
تعهد بعدم ملاحقة هذه المراكز والمستشفيات قانونياً بعد انقضاء الايام الثلاثة اذا ما
تأثر "المتطوع".. سلباً بنتيجة اي دواء قد تظهر على جسده او تؤدي الى مرضه او اصابته
بأي نوع من انواع الشلل او العمى وغيرها من الاثار الجانبية وبذلك تخلي هذه المراكز
والمستشفيات مسؤوليتها ويبقى بعض شبابنا يصارعون المرض وربما الموت احياناً ولا يلوون
على فعل شيء بعد ان يكونوا قد قبضوا تلك الدراهم البخسة التي يضطرون لفعل المستحيل
لنيلها تصل الى حد تأجير اجسادهم.
بقي ان اقول بان رقابة وزارة الصحة هي رقابة غير فعالة, والا لكانت منعت اجراء هذه
التجارب على شبابنا في تلك الظروف القاسية والمذلة, ولو انها فعلاً معنية بانهاء هذه
المأساة لكانت تقدمت بتعديل قانون الابحاث السريرية لضمان انقاذ اجساد شبابنا التي
اصبحت كالشقق ا لمفروشة التي يكتب على ظهرها "للايجار".. وللحديث بقية.
hashem7002@yahoo.com