لماذا قد يقع الخلاف بين الحكومة وصندوق النقد الدولي على أولويات الإصلاح، ما دمنا نعرف مشاكلنا الاقتصادية
والمالية، ونعرف الحلول وهي ذاتها التي يقول بها الصندوق.
مع أسوأ الأوضاع الإقتصادية كانت تقارير الصندوق الدورية تأتينا بالإشادة وتقول أننا نسير على الطريق الصحيح، فلماذا
يقع الخلاف إلا إن كان هذا التقرير مجرد كلاشيهات مجاملة بينما أن ما كان يدور في الغرف المغلقة هو عكس ذلك تماما .
الحقيقة ليس هناك غرف مغلقة ولا مفتوحة، فكل ما كان يجري في المفاوضات معلن فإما أن يبثه الصندوق في ثنايا عبارات المجاملة أو أن تعلنه الحكومة عبر إجراءات واضحة ملتزم بها.
صندوق النقد الدولي كان وما يزال يطلق ملاحظات وتحذيرات ونصائح، وكنا ونحن نقرأها لا نجد فيها ما لا نعرفه أو نراه في خلاصة تقارير المالية العامة في موضوع العجز والمديونية لكن الصعوبة تكمن في التطبيق وفي اتخاذ القرارات الصعبة التي تريد الحكومات أن تجد لها شرعية ومصداقية وثقة .
ماذا تقول الحكومة ما لا يقوله الصندوق، خذ مثلا التوافق على أن نسبة النمو الاقتصادي المتدنية، وأن معدل البطالة يتجه للارتفاع، وأن المديونية في حالة ارتفاع، وأن الاحتياجات المالية تتسع وتغطى بالديون، وأن احتياطي العملات الأجنبية مهدد بسبب تنامي العجز في الميزان التجاري لتراجع الصادرات، وأن أوضاع الموازنة العامة غير مريحة.
وأن الدعم الشامل وتثبيت الأسعار عبء وأن الأردن يتعرض لضغوط من حالة الإقليم ومن اللجوء السوري، ترجمت نفسها في ارتفاع التكاليف ومنها النفط والمواد الغذائية فأين هو الخلاف في كل هذا؟ .
سنة كاملة من المفاوضات والمساومات أمضاها الأردن في عمان وواشنطن حول برنامج للإصلاح الاقتصادي 2017-2020 الذي يشرف عليه صندوق النقد الدولي، الى أن أصبح جاهزا للتنفيذ وحتى اليوم يكون قد قطع شوطا طويلا ليس من السهل التضحية بهذا الشوط تحت ذرائع فشل أهداف البرنامج الذي كانت الحكومات والتغييرات المتسارعة في المنطقة وعواملها الضاغطة سببا فيه بشكل أو بأخر .
الحكومة اليوم تلمح بطلب تأجيل البرنامج بينما يدور الحديث عن حاجة الأردن الى تمديده مع أن جوهر البرنامج الذي لا يختلف في تشخيصه وحلوله بين الحكومة والصندوق لا يجب أن يتغير مع تغيير الحكومات .
يبقى برنامج التصحيح سواء بإشراف الصندوق أو كان وطنيا بإمتياز هو المهمة الصعبة التي تواجه أي حكومة.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي