* هناك وكالتان لشؤون اللاجئين: الأولى (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) وتعرف باسم (مفوضية اللاجئين) أنشأتها منظمة الأمم المتحدة وافتتحت مكتبها في جنيف (14/12/1950) لحماية اللاجئين وحل مشاكلهم في أنحاء العالم كافة بتسهيل العودة الطوعية أو الاندماج المحلي أو إعادة التوطين، وحازت على جازت نوبل مرتين، وأما الثانية، فقد أنشأتها منظمة الأمم المتحدة أيضاً وهي (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) وتعرف باسم (الأونروا) وذلك بموجب القرار رقم (302) بتاريخ (8/12/1949) وباشرت أعمالها (1/5/1950) في مكتبها في فينا وعمان، بهدف تقديم برامج اللاجئين الفلسطينيين في خمس مناطق: غزة والضفة الغربية والأردن وسوريه ولبنان... بتمويل وتبرعات طوعية من الدول المانحة... وكان أبرزها: الولايات المتحدة الأمريكية والمفوضية الأوروبية والمملكة المتحدة والسويد والدول الاسكندينافية واليابان وكندا ودول الخليج العربي فيما بعد. وأصبحت (الأونروا) مسئولة عن اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في تلك المناطق الخمس، بينما (المفوضية السامية) مسؤولة عن اللاجئين في بقية أنحاء العالم.
* وللتعريف بأزمة (الأونروا) المزمنة... فكانت أزمة التمويل الطوعي... تبرز من حين لآخر... وكانت البيئة الدولية محفزة للتبرع للقضايا الإنسانية معزولة عن التوترات السياسية... وفي الوقت نفسه كانت (الأونروا) من حين لآخر تقوم باستطلاعات ميدانية حول دورها وتمويلها، في تلك المناطق. ففي مطلع الثمانيات من القرن الماضي التقى بنا في وزراة التربية والتعليم وفد (الأونروا) وكان الموقف واضحاً أن الوزارة ترفض أن تتحمل مسؤولية تخلي الوكالة عن تعليم أبناء اللاجئين الفلسطينيين، وضرورة أن تستمر الوكالة في تحمّل مسؤولياتها بموجب قرار (الأمم المتحدة) حتى عودة اللاجئين وللعلم فأن أوجه اتفاق موازنة( الأونروا) تتوزع بنسبة (54%) لبرامج التعليم، و (18%) لبرامج الصحة، و(18%) لخدمات تشغيلية و (10%) الخدمات اجتماعية. وإذا ما تقلصت ميزانيتها، فأن ذلك يحث الخلل في خدماتها، وكانت تواجه عجزاً في التمويل والذي كان يغطى بالمنح العاجلة من دول أخرى، ولم يدخل ذلك العجز أو تغطيته في أطار سياسي حتى جاءت الإجراءات (الأمريكية الترامبية) لتستغل البعد الإنساني كوسيلة ضغط (صهيو.. أمريكي) على الشعب العربي الفلسطيني والدول المستضيفة للاجئين الفلسطينيين.
* تدرك السياسة الأمريكية أن (الأونروا) مرتبطة (بحق العودة) وهي القضية المؤجلة في العملية السلمية الجامدة بجانب قضايا القدس والأمن والحدود، وبعد إدعاء (ترامب) أنه اسقط قضية القدس عن طاولة المفاوضات البائدة، فقد عقد العزم على إنهاء قضية (حق العودة) كخطوة ثانية لتسوية القضية الفلسطينية وذلك بتغيير تعريف (اللاجئ الفلسطيني) ليقتصر على نصف مليون لاجئ الذين هجروا عام (1948)، ولا يشمل الأبناء كما حدده قرار منظمة الأمم المتحدة، حيث أصبح عدد اللاجئين خمسة ملايين ونصف المليون حسب تقرير (كوشنر)، كما أكدت التايمز اللندنية أن (واشنطن تعتبر أن معظم اللاجئتين الفلسطينيين لم يعودوا لاجئين)، ويترتب على ذلك تخفيض مساهمة الولايات المتحدة في موازنة (الأونروا) وتحميل السلطة الفلسطينية مسؤولة (اللاجئين) في غزة والضفة الغربية ومن ثم يمتد الإجراء إلى الدول المستضيفة الأخرى لإنهاء (ما يسمى الأونروا) ويعني ذلك إنهاء (حق العودة)، وإثناء كتابة هذه المقالة نشرت (فورن افيرز) أن (ترامب) قرر وقف تمويل الاونروا بشكل كامل .
* أن هذه الخطوة العدوانية على الشعب العربي الفلسطيني تمثل حلقة من السياسة (الصهيو أمريكية) والتي رحب بها نتنياهو... ولكن الفرص متوافرة لمواجهة هذا العدوان.
- فالتحرّك السياسي العربي والإسلامي والدولي أصبح عاجلاً للتأكيد على أن (الأونروا) وكالة منبثقة من الأمم المتحدة، صاحبة الولاية عليها، ولا يحق للولايات المتحدة أن تتخذ هذا العدوان الأحادي الجانب.
- والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي معنيتان باتخاذ زمام المبادرة لنقل القضية إلى المنظمة الدولية الأم: وتأكيد أللالتزام الدولي بتمويل الوكالة.
- كما أن الخطوة الأردنية في السابع والعشرين أيلول بالدعوة لعقد لقاء على هامش اجتماعات المنظمة الدولية لوزراء الخارجية العرب، وعقد لقاء دولي لإنقاذ (الأونروا) تمثلان خطوة ايجابية وفعّالة إذا ما حشد لها بجهد ودعم عربي وإسلامي جاد.
- فهل ستكون المنظمة الدولية، قادرة على الدفاع عن وكالاتها في وجه هذا (التسونامي الترامبي) الذي يهدد القضية الفلسطينية برمتها.