إنَّا لله وإنا إليه راجعون
إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك يا سعد لمحزونون
حاولت جاهداً يا سعد أن أكذب الخبر . حالة إنكار تملكتني على مدى الساعة الماضية. فاجعة هذه. ما كنت أريدك أن ترحل يا " أبو سري".كنت على موعد معك لتوقيع روايتي في عمان . لماذا لم تنتظرني. لماذا رحلت. لماذا تركتنا للوجع . لماذا أغرقتنا في دموعنا. حرقت قلبي برحيلك. لم يعد القلب يحتمل مزيداً من الأوجاع. لا أطيق الفراق . كفانا موتاً . لماذا يتساقط أحبتي أمام عيني . لا ، لا أريد هذا المصير لنفسي. أن أعيش لأُفجع. أن أنتظر فقدان من أحب ليتساقطوا أمام عيني . قلبي لا يحتمل هذا العذاب.
ألن تعود لدعوتنا في المزرعة من جديد؟ لن توقد لنا مدفأة الحطب يا رجل مرة أخرى؟ ولن أقف بعد اليوم مع عماد العضايلة في المطبخ لتذوق اللبن الجميد قبل أن تجمع أحبتك على كرمك؟ ألن يدندن د عيسى بأغاني الوطن على مسامعك مرة أخرى؟ سنفتقدك يا سعد . من عرف قلبك سيفتقدك. كنت تمنحنا الدفء بوجودك . سأفتقد صوتك بتلك " الزُّميرة" في رقبتك وأنت تقول لي : حبيبي، فأقول لك : كم إيقاع الكلمة جميل من زميرتك، قلها ثانية، فتضع إصبعك مرة أخرى وتضغط وأنت تبتسم في وجهي وتعيدها على مسامعي : بحبك.
ستفتقدك روابي الشامخة التي قدر لها الله أن تودع الأب والزوج في أسبوع واحد، وسيفتقدك سري ، وراكين، ومئات الأحبة، وستفتقدك الكلاب الوفية التي كانت تحيط بك في المزرعة. وسيفتقدك غسان أبو لوز الذي انفجر في البكاء وهو في طريقه إليك ، وهو ينتفض ويقول لي باكياً: يا رب يكون الخبر مش صحيح يا عمي عامر.
لكن الخبر تأكد: والدمع استحق، والألم ها هو قد حل، وجاء الوجع . هل كنت تعتقد أن رحيلك سيكون سلساً ، وأن الأمور ستجري بالساهل . سامحك الله يا سعد . غفر لك . عفا عنك . أعتقك . رحمك . خلدك في قلوب الناس. عظم شأنك. له ما أخذ وله ما أعطى. الجنة لك . لك الله. لك خالقك. لك السلام . لك السكينة . عليك السلام والرحمة والإكرام .اللهم لا اعتراض على حكمك، وعلى قضائك، وعلى قدرك. اللهم الطف بِنَا وارحمنا، واعف عن حبيبنا سعد، ونقه واغسله بالماء والثلج والبرد، وآخر دعوانا أن الحمد لله على كل حال، والحمد لله رب العالمين