قبل أيام قليلة رجتني ابنتي بسبب عدم امكانها مغادرة مكان عملها..،بأن أقوم بالذهاب الى مدرسة نايفة الثانوية للبنات الواقعة في جبل الهاشمي بعمان لأخذ ورقة قبول منها للنقل اليها لحفيدتي بعد ان انهيتا المرحلة الابتدائية في مدرسة باب الواد الابتدائية للبنات وكلتا المدرستين تقعان قريبا من منزل ابنتي...
في الصباح ذهبت وزوجتي وحفيدتاي الى مدرسة نايفة وقابلنا مديرة المدرسة المربية الفاضلة رماح القدومي فطلبت شهادتهما المدرسية وعندما تأكدت بأن معدلاتهما فوق التسعين وافقت على نقلهما ووافقت بقوة عندما عرفت انني كنت معلما ومديرا ذات يوم وكاتبا وصحفيا الان ومنعتنا من الانصراف قبل ان نشرب قهوتها..
للتذكير...
ففي الخمسينات والستينات من القرن الماضي كانت»نايفة»قرية نائية عمل فيها احد زملائي المعلمين ولطالما كان يمتدح اهلها الكرماء الطيبين وطلابها الاذكياء الموهوبين...
في تلك الايام..يجب عليك ان تعمل عند اول يوم لتعيينك في»قرية نائية»وفي محافظة اخرى غير محافظتك التي تسكنها وما اكثرها في الوسط وفي الشمال والجنوب والشرق والغرب في الضفة وعلى الخطوط الامامية... واتذكر انه تم تعييني في محافظة القدس بينما كنت أسكن في محافظة العاصمة منذ العام 1954 وحتى الان.
في مديرية التربية والتعليم قضاء القدس اوائل العام 1963 عينني مدير التربية المرحوم عبداللطيف عابدين في قرية «قطنة»الحدودية مع الاحتلال الاسرائيلي لايفصل بيننا وبين هذ العدو الا سياج هزيل هش يعبره شبان القرية في الليل الذين كانوا ينهبون من المستوطنات اليهودية كل شيء وعلى الاخص الابقار الهولندية وطيور الاوز والاشتال الثمينة للاشجار المثمرة والورود وغيرها.
وعلمت ان شابين من القرية وفي ليلة باردة ماطرة ومعتمة تسللا وبكل الشجاعة والجرأة الى معسكر للجيش الاسرائيلي قرب الحدود فكتفا الجنديين اليهوديين وحملا الدست بما فيه من لحم ومرق واكلت منه القرية كلها..
كنا كل صباح يُنشد طلاب المدرسة من الاول الى السادس الابتدائي اناشيد اتذكر منها:دمت يا شبل الحسين و عائدون وموطني..ومن ثم التمارين الرياضية وكانت المدارس تعمل في تلك الايام من الثامنة صباحا الى الرابعة عصرا.
واتذكر مشرفين تربويين زارونا في المدرسة فذهلوا من جمال القرية التي كانت مغطاة باللون الابيض اي ازهار اللوزيات من خوخ ولوز وكرز وغيرها وكان انتاج القرية اكثر انتاجا كما وجودة من القرى حولنا مجتمعة..
بعد عامين نُقلت من محافظة القدس الى محافظة العاصمة وتتبع لها مادبا وصويلح وسحاب وناعور وفي قرية الروضة قرب ناعور عُينت..المدرسة من اربع غرف والبيوت الحجرية لا تزيد عن عشرين بيتا والباقي بيوت شعر طلابها اذكياء منهم اساتذة جامعيون الان..لم انم فيها يوما...قبل ايام زرتها وزوجتي فوجدتها اجمل من اي ضيعة لبنانية..!
الراي