مديونية الأردن تحتاج لحلول غير تقليدية
فتح رضوان
30-08-2018 05:02 PM
- تقترب مديونية الأردن من ألـ 40 مليار دولار بلغت العام الفائت وفي هذا الوقت من السنة 37 مليار دولار ولكنها في ازدياد وتشكل ما نسبته 95% من الناتج المحلي الإجمالي.
- خدمة الدين العام تستنزف الميزانية سنويا بحوالي 700 مليون دولار.
- في الدول النامية لا ينصح خبراء الاقتصاد بأن تزيد نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الإجمالي عن 35%.
الآن نأتي الى الأسئلة المشروعة:
- لماذا سمحت الحكومات المتعاقبة بتخطي الحدود الآمنة للدين العام؟
- لماذا استمر ترحيل المشكلة من حكومة الى أخرى وبقي الاقتراض العام نهجا سائدا دون وضع بدائل حين تجاوزنا الحدود الآمنة للاقتراض بمستويات في غاية الخطورة؟
- تحدثت الحكومات المتعاقبة صباح مساء عن تحفيز الاستثمارات داخليا وخارجيا ، ألم تعلم أي من هذه الحكومات أن تحفيز الاقتصاد والاستثمارات يتناقض جذريا ورياضيا ومنطقيا مع نتائج زيادة الدين العام حيث اللجوء الى أنظمة ضريبية قاسية وبالتالي تحجيم الناتج المحلي الإجمالي نتيجة هروب رؤوس الأموال والاستثمارات وصولا الى العجز التام عن
سداد الدين العام نتيجة هروب الاستثمارات والإيداعات ولجوء المواطنين والمستثمرين وأصحاب أدوات التنمية من المواطنين الى الهجرة والدليل هروب الآف المستثمرين المحليين والأجانب من الأردن في العشرين سنة األخيرة.
هل وصاية البنك الدولي وتوصياته ستحل المشكلة؟
نقول في هذا المقام كفانا هروبا من الحقيقة فقد هربنا منها عقودا من الزمن وما ازدادت المشكلة إلا تعقيدا.
إن توصيات البنك الدولي لن تؤدي سوى الى النتائج التالية:
- ازدياد فرص الإضطربات الداخلية والفوضى.
- انكماش الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي قلة التحصيلات الضريبية بدل زيادتها.
- وقد تؤدي لا قدر الله في نهاية المطاف الى إفلاس الحكومة.
ما الحل:
لقد خلصنا الى نتيجة منطقية وهي أن زيادة التحصيلات الضريبية لن تحل مشكلة الأردن مع البنك الدولي وبالتالي فلا بد من حلول غير تقليدية وبالتالي فنحن نقترح على الدولة الحلول التالية:
- إن الأولوية الأولى في هذا المقام هي حلول غير تقليدية بل ربما نسميها حلولا ثورية أو حلول إنقاذ وطني وقد تكون البداية عقد الصفقات في قضايا الفساد الكبرى وبما يجلب للخزينة ربما مليارات الدولارات على مدار عشر سنوات قادمة ويحل جزءا هاما وحيويا من مشاكلنا مع البنك الدولي ودائنيه وبما يكافح تراكم الدين العام وازدياده نتيجة العجز عن السداد ومعلوم أن هناك من المتهمين بقضايا فيها ملايين الدنانير وبعضها كقضية الفوسفات فيها مئات الملايين وغيرها كثير وليس أخرها قضية التبغ ...إن حل هذه القضايا بتسويات مالية عادلة للدولة الأردنية أصبحت أولوية وطنية فنحن يهمنا الآن إنقاذ البلد وليس الانتقام من الفاسدين.
- معالجة ضعف أداء موظفي الدولة والدخول في تفاصيل أعمال وأداء مختلف الوزارات ولا سيما الوزارات التي تدير القطاعات الإنتاجية وتحفيز الإبداع الوظيفي واستقطاب الكفاءات الوطنية للقطاع الحكومي حتى يصبح العامل في القطاع الحكومي أكثر كفاءة وإنتاجا من العامل في القطاع الخاص وصولا الى رفع مستوى العاملين في القطاعين العام والخاص.
- إيجاد خط ساخن مع المغتربين الأردنيين الأثرياء ووضع استراتيجية عمل معهم ووضع أجهزة الدولة في حالة استنفار تؤدي الى عودة ثقة هؤلاء بالاقتصاد الوطني مهما تطلب ذلك من تسهيلات استثنائية لعودة الحيوية والثقة للاقتصاد الوطني وجلب ما أمكن من مدخرات الأردنيين في الخارج والتي تبلغ أرقاما فلكية.
- حماية الصناعة الوطنية ومحاربة الاستيراد في السلع الاستهلاكية والتي يمكن تصنيعها داخل الأردن بوسائل عادلة وبما يشجع التجار لدخول سوق الصناعة وإيجاد فرص العمل ولا سيما فيما يتعلق بالسلع صينية المنشأ رديئة الجودة.
- تشجيع الصناعات التعدينية ومنح رخص الاستثمار في الخامات الطبيعية بما يخدم ويرفد خزينة الدولة.
- تحرير قطاع الطاقة كاملا ودون إبطاء أو تأخير وبما يضمن المنافسة القصوى والاستثمار الأمثل في الطاقة المتجددة وتقليل كلفة الطاقة في مختلف القطاعات الاستثمارية وفي مختلف أوجه حياة المواطنين وذلك لتحفيز الحركة في مختلف القطاعات من إنتاجية وخدمية.
- لا بد من تحريك المشاريع الكبرى التي قد تستخدم فيها على سبيل المثال أراضي الخزينة وأملاك الدولة بشكل فعال وتحرك عجلة الاقتصاد وتجعل الأردن بيئة جذابة للاستثمار كمشروع ناقل البحرين بنطاق الأعمال التي أقرها البنك الدولي في دراسته التي كلفت في حينه وقبل بضع سنوات خمسة عشر مليون دولار ووضعت هذه الدراسة نطاق أعمال برأس مال يقدر بخمس وثلاثين مليار دولار.
- مشروع سكة الحديد الوطنية والتي و قعت فيها مذكرة تفاهم مع الصين في العام 2015 وتكلف حوالي ثلاثة مليارت دولار وبنفس طريقة تمويل مشروع جر مياه الديسي على سبيل المثال، يمتلك المستثمر المشروع ويشغله سنوات معدودة ثم تؤول ملكيته للدولة بهدف ربط الأردن شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وربطه كذلك بالدول المجاورة.
- وأخيرا في مجال الحلول غير التقليدية لعل الفرصة متاحة الآن ومواتية للتحدث للدائنين بخصوص ما يمكن أن يقدمه الأردن من خدمات في إعادة إعمار سوريا والعراق وإمكانية التفاوض مع هؤلاء لاستبدال الديون بالاستثمارات بما يوجه خدمة الديون لهؤلاء الدائنين الى استثمارات حيوية في الأردن تخدم الدائنين والقطاعات الانتاجية والخدمية في الأردن
بما يضمن استدامة الالتزام بسداد الديون وتحقيق معادلة رابح – رابح للطرفين.
في الخلاصة فإن الحكومة ومن دون مشاركة القطاع الخاص وكل الكفاءات الأردنية داخليا وخارجيا لا تستطيع إنقاذ الأردن من تغول البنك الدولي ومن مخاطر إفلاس الأردن وبالتالي فلا بد من الدعوة لمؤتمر وطني جامع يعطى صلاحية إقرار إجراءات فورية ومستعجلة وسن قوانين طارئة تعين على تنفيذ ما من شأنه إنقاذ الأردن من ورطته مع البنك الدولي الذي تتخذ إجراءاته طابع الوصاية على القرار الوطني وهذا منحى في غاية الخطورة ولا تحمد عقباه ولا يبشر بخير.