يحشد الجيش السوري قواته لشن هجوم استعادة مدينة إدلب من أيدي المجموعات المسلحة والجماعات الإرهابية في مقدمتها"النصرة".
إدلب تحولت في السنتين الأخيرتين إلى خزان كبير يضم الآلاف من المسلحين ومئات الآلاف من النازحين، وتخضع المحافظة لحكم جماعات إسلامية متطرفة. ولطالما كان السؤال عن مصيرها يشغل المحللين والساسة، وتصنف معركتها على أنها المواجهة الحاسمة في سورية.
موسكو في قلب الترتيبات السياسية والعسكرية لمعركة إدلب، مثلما كان الحال في معركة الجنوب السوري، فبينما تعمل الدبلوماسية الروسية عن كثب مع الشركاء الإقليميين،خاصة تركيا القلقة من نتائج المعركة،للوصول لتسويات سياسية مع بعض الفصائل المسلحة في إدلب،دفعت ببوارجها العسكرية نحو البحر الأبيض المتوسط، لاسناد الهجوم السوري على إدلب.
واشنطن تناور في البحر والبر ووسائل الإعلام، لكن بات واضحا من تصريحات جون بولتون، ان إدارة ترمب لاتعترض من حيث المبدأ على الهجوم المتوقع على إدلب، لكنها لن تتسامح مع استخدام السلاح الكيماوي، في محاولة منها للضغط من أجل ترتيبات سياسية في سورية ترتبط بملف النفوذ الإيراني حصرا.
من المستبعد أن ترتكب دمشق نفس الأخطاء السابقة، وتعرض نفسها لضربات أميركية أشد بكثير من الضربات السابقة.موسكو لن تسمح بذلك أيضا، فقد امتلكت الدبلوماسية الروسية المهارة لإدارة معارك المدن السورية على نحو يحقق الأهداف المطلوبة بأقل قدر من الكلفة السياسية والعسكرية.
المرجح وفق تقديرات دبلوماسية، نجاح موسكو في عقد صفقات متعددة مع أطراف مسيطرة في إدلب، وبتعاون وثيق مع تركيا، تضمن لحلفاء أنقرة من الجماعات المسلحة حلولا مرضية، وتحول دون تدفق النازحين صوب الأراضي التركية.
لقد نجحت خطة مماثلة مع الأردن في درعا، سمحت بإنجاز تسويات معقدة مع المسلحين تم بموجبها تسليم الأسلحة، وانضمام مجموعات من المعارضة لقوات الأمن السورية، وترحيل الرافضين إلى مناطق أخرى تحت سيطرة المعارضة،وتحديدا في إدلب.بالمقابل ضمن الأردن عدم تدفق النازحين إلى أراضيه بعد أن اتخذت الحكومة موقفا صارما من مسألة فتح الحدود.
تركيا ستنال ضمانات مشابهة لأمن حدودها المغلقة أصلا،لكن في المقابل عليها أن تتنازل عن نفوذها في العمق السوري، وفي إدلب تحديدا، بانتظار تسوية مماثلة في المناطق الحدودية القريبة من نفوذ الأكراد وتواجدهم، تنهي الوجود التركي في سورية.
لكن في انتظار الأطراف السورية والروسية تحديات كبرى تخص مايزيد عن مليوني نازح سوري،لابد من تأمين عودة آمنة لديارهم التي شردوا منها.وقد لايبدو هذا الهدف سهل المنال في ظل الأوضاع الصعبة التي تعاني منها المناطق المحررة، وغياب الخدمات الإساسية،وتهدم منازل آلاف النازحين جراء القتال،وامتناع الدول الغربية عن تمويل عمليات إعادة الأعمار قبل انجاز الحل السياسي.
في كل الأحوال وبعد معركة إدلب التي لانعرف بعد إن كانت ستمتد لفترة طويلة أم تختصر الدبلوماسية مآسيها، ستدخل الأزمة السورية طور النهاية الفعلية،وتغدو الترتيبات السياسية لمستقبل البلاد،استحقاقا لابد من مواجهته وإنجازه بما يرضي جموع السوريين الذين عانوا الويلات لسنوات.
الغد