تستخدم امريكا بصفتها زعيمة دول الهيمنة سياسة الجزرة والعصا لتوجيه سياسات ومواقف الدول الاخرى او اجبارها على تغيير سياساتها ومواقفها لتتماشى مع ما يخدم توجهاتها كزعيمة للهيمنه .
حيناً تختار استخدام الجزرة فقط مكتفية بها اذا ما ارادت التدرج في الضغط واللجوء الى التوجه في سياقٍ دبلوماسي يجنبها الظهور على غير ما تزعم من احترام لارادات الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية .وهذا هو خيارها مع الدول التي تنظر اليها كدول صديقة او حليفة لها.
حيناً آخر وعندما ترى ان التدرج في الضغط لا يزال مطلوباً تستخدم الجزرة نفسها كاجراء عقابي فتأخذ دور العصا في محاولة منها لتجنب اللجوء لاستخدام العقوبات السياسية والاقتصادية المباشرة ضد الدول المستهدفه . وفي النهاية تذهب الى الخطوة الثالثه مستخدمة العصا لإنفاذ سياساتها .
ادارة الرئيس ترامب تستخدم خطوتين فقط في ممارسة ضغوطها على الدول . تستخدم في الاولى الجزرة والعصا معاً ملوحة بسحب الجزرة لتجعل منها عصاً ولتمضي بعدها مباشرة الى عصا العقوبات دون تردد . وها هي توزع العقوبات في كل مكان على الدول التي تخالف سياساتها .
قوى نافذة في ادارة ترامب ، وقوى اقليمية في مقدمتها اسرائيل تدفع ادارة ترامب لاستخدام العصا مع الاردن لتغيير مواقفه من قضايا الاقليم وفي مقدمتها القضية الفلسطينيه . اذ لا يزال الاردن على موقفه تجاه حل الدولتين الذي تجعله اسرائيل يبتعد يوماً بعد يوم ، وفي سياسته بعدم التدخل في مجموعة الحروب التي تدار في منطقتنا بالوكاله .
امامنا مثال واضح ومباشر عما يمكن ان تمارسه امريكا في ظل ادارة ترامب ضد الاردن بالجزرة والعصا معاً. وهو ما فعلته مع الاشقاء الفلسطينيين . بدأت بوقف المساعدات المالية السنوية التي تقدمها للسلطه ، ثم توقفت عن دفع مساهماتها في الاونروا ، ثم مضت في دعم مخطط اسرائيل بفصل غزة عن الوطن الفلسطيني من خلال اتفاقية التهدئه بين اسرائيل وحماس .
على هذا القدر من الصعوبة والتعقيد ينطوي الموقف الاردني اليوم تجاه الحلول التصفوية للقضية الفلسطينية وحقوق شعبها . ونخشى ان يكون الضغط على الاردن قد بدأ مع تحرشات اسرائيل في الاماكن المقدسة في القدس ، وفي تجفيف مصادر المساعدات للاردن ما جعل من امريكا المصدر الاول والاهم للمساعدات الاقتصاديه ، واخيراً في تناسل سيل الفيديوهات التي تتسلل الى الاردن من مصادر متعددة من الخارج للاساءة لكل ما فيه .
نأمل ان تبقى خشيتنا في دائرة الفرضيات ، لكنها فرضية تثير القلق وينبغي ان تضعنا امام التساؤل الكبير والاهم : ماذا لو ذهبت امريكا الى معاقبة الاردن ؟ وكيف سيكون الموقف الاردني ازاء ذلك ؟