رصاص الغدر ما أجبنه, يغتال الأحلام والأبطال والمبدعين, رصاص الغدر يبقي شراذم الارض يلهون بها ويجعل المقابر عناوين للباحثين عن العزة والكرامة, رصاص الغدر يكبر من يوم لآخر وينتقل من جسد طاهر الى جسد آخر ليقتل رجل موقف أو صاحب مبدأ وحتى شاعر أو رسام, فرصاص الغدر لا يفرق بينهم لأنه لا يريد قتل رجل بل يبحث عن تدمير فكرة وحلم.
رصاص الغدر وقبله طرق أخرى من الموت, هدفت الى قتل فكرة فمات حاملها وانتشرت الفكرة حتى طافت آخر الدينا, فكم نبي قتل وما زالت رسالته خالدة, وكم من عالم أُحرق حياً فقضى ومعذبوه ولا زالت فكرته ترتقي , وكم من شاعر ذُبح على محراب الجهل واستمرت كلماته صادمة حتى الآن, وكم من فنان غادر الدينا ولا تزال لوحاته تخطف الالباب وترسم طريق الحلم والعودة.
ناجي العلي أُغتيل في لندن وبقيت الحيرة تلف حادثة الاغتيال, فالمتهمون كثر ومنها قيادات عربية وصهيونية , حتى ظهر أخيراً أنه أُغتيل من قبل الموساد الصهيوني , والغاية قتلُ حنظلة حتى لا يؤجج مشاعر البحث عن العودة الى فلسطين, وقبل ان يتحول حنظلة الى رمز يجمع فلسطيني الشتات, فجاء القرار بإغتيال العلي من أعلى مستويات المؤسستين السياسية والعسكرية الصهيونية, وهذا القرار لم يتخذه الكيان الصهيوني بحق أي مناضل في تاريخ إرهابه العالمي.
لم يدر في خلد الصهاينة ان تصفية الجسد الزائل أمر هين, فيما تصفية الفكرة والحلم هو من رابع المستحيلات, فالفكرة تنمو وتثمر, والحلم يكبر حتى يتحول واقعاً, لذا فان قتل صانع الحلم وحامل الفكر بدا أمراً ضروريا لكيان الظلم والقهر, فلم ينجو الناجي من الموت, ونجا حنظلة من غياهب الجب, ليستمر يقود حركة نضال لم تتوقف منذ النكبة, وعلى ما يبدو أنها لن تتوقف, فأبطال الحجارة أظهروا أن حنظلة باق فيهم وأن طريق الاستسلام السياسي لن يتبعة استسلام شعبي.
لقد بدأ حنظلة في الانتشار حيث انتهى ناجي العلي, فمع اغتياله إرتفعت شهرة حنظلة لتبلغ آفاق الأرض , حيث تم ترجمة رسومات العلي الى لغات العالم, فتحول حنظلة من رمز فلسطيني الى ظاهرة كونية, نشأ من خلالها عديد المنظمات العالمية التي أعلنت وقوفها الى جانب الشعب الفلسطيني, ليخسر الكيان الصهيوني جولة من حرب الوجود والفكر فالشخصيات تولد وتموت والفكرة تولد ولا تموت.