هل يستطيع ترمب .. إلغاء «حق العودة»؟ ما الذي ومَنْ. . «يَمنَعه»؟
محمد خروب
29-08-2018 12:27 AM
يُواصل دونالد ترمب اتخاذ قراراته »التاريخية» في شأن القضية الفلسطينية,على نحو مُبرمَج ومدروس وبحماسة زائدة يُسهِم بعض العرب في ادامتها على هذه الشاكلة المُهينَة، بـ»فضل» صمت بعضِهم وتواطُؤ بعض آخر، وخصوصاً الثلث الآخر،الذي غدَت إسرائيل لديه حليفا على ما سبق ان قاله بنيامين نتانياهو غير مرة بزهو،في التصدي للعدوان الإيراني.
لا غرابة إذاً ولا مفاجأة في مواصلة ترمب دبلوماسية البلطجة واستراتيجية تصفية القضية الفلسطينية، وبخاصة بعد أن رأى ردود الفعل العربية (والإسلامية) على قراره الاعتراف بالقدس عاصمة للعدو، ومسارعته نقل سفارة بلاده إليها. وإعلانه الصريح أنه أزالها عن جدول الأعمال.ما يعني ان لا عودة ولا تراجع ولا نكوص عن اعتبار القدس المُوحّدة عاصمة لإسرائيل، بعد إقرارها قانون القومية الذي يمنح »الشعب» اليهودي وحده حق تقرير المصير في»بلاده»ويجعل من الاستيطان اليهودي في «أرض إسرائيل» قيمة عليا يجب تشجيعها ودعمها.
تأتي الخطوة الأميركية الجديدة في هذا التوقيت بالذات لإلغاء حق العودة، عبر شطب الاعتراف الأميركي بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، التي تختصرها مفردة «الأُونروا»، لتُجهز على ما تبقّى من ملفات»الحل النهائي» التي «وافق» عليها أشاوس أوسلو منذ ربع قرن، عندما باعونا الأوهام وصدّعوا رؤوسنا بـ»إنجازاتِهم« المزعومة, التي نرى نتائجها على ارض الواقع استيطاناً وتهويداً، على نحو لا يمكن الادعاء إزاءه بأن دولة فلسطينية ستقوم على أوصال
الضفة الغربية المُقطّعة,وفي ضوء المقولة الإسرائيلية التي تكرّرت طوال سبعة عقود من قيام دولة العدو الصهيوني وهي أن» الواقع اليهودي يصعب إزالته أو التراجع عنه», وبالتالي ضرورة الإقرار الفلسطيني والعربي به،على ما قال ذات يوم »الكِتاب» الذي أرسله رئيس أميركي أرعن اسمه جورج دبليو بوش إلى مجرم الحرب ارئيل شارون, متعهداً له بعدم موافقة واشنطن على أي قرار أو دعوة أُممية لإزالة الكتل الإستيطانية الكبرى في الضفة المحتلّة.
الآن يأتي رئيس أميركي أكثر رعونة وعربَدة، ليقوِّض »الرمز» الذي حافظ من خلاله الفلسطينيون على حق العودة وتمسّكوا به، وهو وكالة الغوث الدولية التي اقيمت بانتظار تطبيق القرار 194 الصادر في العام 1948 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، باقتراح من الكونت برنادوت (سارَعت إسرائيل الى تصفيته جسديّاً) وللتذكير فإن القرار صدر بموافقة 35 دولة ضد 15 وامتناع 8 دول.
واجتثاث الاونروا أو إبادتها أميركيّاً ،ستتم وفق خطة مُبرمَجة تبدأ أولاً بـ»الإعتراف» الأميركي بنصف مليون فلسطيني كلاجئين (أي 10 %من مجموع العدد المُسجّل لدى وكالة الغوث،وهم فقط مواليد ما قبل 1948،(ثم يليه سحب الاعتراف
الأميركي بالوكالة نفسها،وخصوصاً وظيفتها المقتصِرة على رعاية اللاجئين الفلسطينيين،لتغدو مفوضية أخرى للاجئين دون تخصيص وظيفي، لتأتي بعدها الخطوة الأكثر خطورة والمتمثِّلة في طلب واشنطن من إسرائيل «وقفَ أنشطة الوكالة في الضفة الغربية»والحجة الأميركية المُعلَنة وغير الصادِقة,هي الحؤول دون وصول مساعدات عربية (...)الى الوكالة لصرفها على لاجئي الضفة المحتلة,لكنها تستبطن إطلاق يد اسرائيل في استيطان الضفة الغربية،وازالة مخيمات اللاجئين وتمهيد الطريق لضم الضفة الغربية.اقلّه مناطق»C)«وفق تصنيف أوسلو الكارثي) التي تُشكِّل
(60 (%من مساحة الضفة المحتلة، ناهيك عن المستوطنات في مناطق A وB مثل عوفرا وبيت ايل ومستوطنات غور الأردن،التي تقول إسرائيل إنها لن تفكِّكها تحت أي ظرف.
ماذا تبقى إذاً من ملفات ليتساءل بعض العرب بسذاجة أو استذكاء: أين»صفقة القرن» ومتى تُعلن؟ وما هي نصوصها؟.
فالقدس أُسقِطت عن جدول الأعمال، وحق العودة قد شُطِب، وحدود إسرائيل معروفة بحكم الأمر الواقع من النهر إلى البحر، وحكاية الأمن باتت مكشوفة بعد أن بلغ التنسيق الأمني ذروته،وقَدَّم كل ما لم يحلم به اي متطرف عنصري،من قماشة نتانياهو وبينت وحاخامات أرض إسرائيل الكاملة.ولم يعد سؤال حق العودة يُقلق الصهاينة، الذين دأبوا على الاشارة اليه على انه»العقبة الرئيسية في المفاوضات»،رغم ان محمود عباس كان»أعفاهم»منه منذ العام 2010 عندما قال:إن مطالَبة اسرائيل باستيعاب خمسة ملايين لاجئ أمرغير منطقي، بل،أضاف فخامته، ولا حتى استيعاب مليون واحد منهم».. فكيف والحال هذه يمكن لترمب والحكومة الفاشية في تل أبيب ان يقلَقوا او يتلكّأوا في العمل على تقويض الاونروا وتجفيف منابع تمويلها؟وهم يدرِكون ان ردود الفعل العربية لن تكون حتى في»حجم»ردود افعالهم البائسة على إزالة القدس عن جدول الأعمال؟.
أكثر ما يلفت الانتباه في المؤامرة الصهيواميركية الجديدة الرامية لإسقاط حق العودة وإلغاء وظيفة وتفويض الاونروا، هو ان حكومة نتانياهو «طالَبَت» واشنطن »إستثناء» قطاع غزة من قرار سحب الاعتراف بالاونروا، خشية من تل
ابيب بأن تُسفِر خطوة كهذه عن تدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل اكبر،مما يُعزِّز فرص انفجار مواجهة مع حركة حماس».
ستقولون: القرار في النهاية للأمم المتحدة؟
أهلاً بكم في منتدى الكلام الفارِغ والخُطَب الرنّانَة.
kharroub@jpf.com.jo
الرأي