ما الذي بقي للأردنيين ليدافعوا عنه ..
31-05-2009 12:40 PM
ليضربني من يشاء بالحجر أو العصا أو بالحذاء .. أو بما يشاء .. ولكن ليجلس قبل ذلك قليلا ليفكر كثيرا ، ثم يفعل الصواب .. قد أكون مخطئا .. أو مصيبا قليلا .. أو مجنونا في زمن العقلاء .. ولكن ما الذي بقي للأردنيين حقيقة ، كي يدافعوا عنه في ظل هذا الرحيل العجِلّ لما يجبر الإنسان على عدم البقاء وعدم الوفاء وعدم البكاء .
سبب واحد قد يجعلك مدافعا وهو الزهد في سبيل الله ، وطلب الشهادة في سبيله ، ولكن أي حرب قد يخوضها مواطن معدم في "صنفحه " وهي قرية أردنية من أعمال الطفيلة ، في زمن أصبحت الحرب فيه غير عسكرية ، ولا يقودها الضباط الأشاوس ، ولا مكان للمدافع فيها ، فقد صدئت المدافع وتألقت المنافع .
البعض أو أكثر الناس ما عدا البعض منهم ، لا يفكرون جيدا في الأسباب التي أوصلتنا الى مرحلة الإحباط في مواجهة خطط يتداولها زعماء صهاينة " آمنوا " بأن لهم وطن يسمى إسرائيل ، واتفقوا على عقد اجتماعي يقدس الفرد اليهودي ويعتبره هو المادة الرئيسة التي يتكون منها ذلك المجتمع الخليط متعدد الأعراق والأجناس والألسن ..
مشردون جاؤوا من شتى دول العالم ومدنه ، ليقوموا ببناء منظومة مغتصبة تفعل ما تشاء كيفما تشاء ، على أرض آمنوا على ضلالتهم بأنها " ارض الميعاد " .. وشردوا شعبا كان مطمئنا في بيته وفي قراه وأرضه ، وجعلوه منثورا في كل أصقاع الدنيا .. وساعدتهم هيئة دولية عنصرية كاذبة إسمها هيئة الأمم المتحدة ، اخترعت لأجلهم وكالة خاصة اسمها " الأونوروا " أي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين .. ولا تزال تعمل على إمدادهم بأكياس الطحين والمؤن وتدرسهم في مدارس لا يدرس ولا يـٌدرس بها إلا من هم أبناء فلسطين ، فرواتبهم أميز من رواتب الحكومات المحلية .. واليوم بدأت هذه الوكالة تتآكل وتتراجع لأنه لم يعد هناك أحد يدعمها ماديا .. لأنه لم يعد هناك أحد يهتم بهؤلاء الفلسطينيين عاشوا أم ماتوا أم انقرضوا ..
فالكيان الصهيوني الذي سمُي "اسرائيل " واسرائيل الرجل الصالح برّاء منهم ، لم يعد ذلك الكيان الهش .. ولا الدولة الضعيفة ، بل أصبحت القوة الأعظم .. والضارب الأوجع في الشرق الأوسط ، وهي صاحبة القرار والسيادة على الديار .. ولا صوت يعلوا على صوتها .. ولتقرر ما تشاء ، لضعف العرب وتشتتهم وخيبة مسعاهم .. ولا يحلم الفلسطينيون يوما أن تقوم لهم دولة محترمة قوية آمنة كاملة السيادة على تراب وطنهم .. بل ان هذا ليس سوى شراء للزمن .. وأحلام أفقر الفقراء في النوم على آسرة أعظم الأغنياء .. فما الحل ؟ ليسعفني أحد وليقل يحلها ربك !
ولنعد الى الأردن .. ولنعد للسؤال : هل الحرب هي فقط حرب الطائرات والصواريخ والدبابات والجنود ؟
أم ان الحرب لها أشكال .. أليس الحصار الاقتصادي هو شكل من أشكال الحروب ؟
اليس خنق المواطن هو حرب بلا إعلانها ... أليست الديون الخارجية جبهة حرب لا يمكن الفكاك منها ؟
ما الذي حدث لنا في الأردن .. كيف تحولنا من مجتمع منتج عامل في شتى القطاعات الأساسية الى مجتمع استهلاكي على نمط المدينة الغربي ؟ كيف تحولنا من مجتمع " رعوي زراعي " في الأساس ، يخالطنا البعض من فئة الصناعيين ، والعديد من التجار ، معتمدين على التصدير غالبا ، الى مجتمع مستورد لكل شيء حتى الطحين و القوانين !
بعدما بعنا أهم بل كل ما لدينا من مقومات الثروة " الترابية " ابتداء من أهمها كالفوسفات و الاسمنت الى الاتصالات الى الطائرات والمطارات وأراض تابعة للخزينة وشواطئ البحار ، ومياه الآبار ، لنسدد الديون الخارجية أو فوائدها بالأحرى التي ورطتنا الحكومات وبعض المسؤولين السابقين فيها .. ماذا بقي لنبيعه ؟!
بعدما تحولت الدولة الأردنية من راعية الى مرعية ، والحكومات من منتجة للقوانين الى مستوردة لها ..
بعدما كان المواطن الأردني يعتمد على مؤسسات الحكومة كمصدر رزق ثابت له ولأفراخه ، يفرح لها ويدافع عنها .. تحولت الحكومة الى مؤسسة جباية هدفها المواطن الحلوب ، وهو ورقة " الأص " التي تراهن عليه في مقامرتها .. بل تحولت فئات المواطنين الذين استلحفوا بالفقر واستفرشوا بالحاجة ، فماذا إلا الزهد رداءا يحميهم من غضب الرب !
يتعاصف المفكرون والمتناقشون وأهل السياسة والأحزاب ليجمعوا سهام أفكارهم ليصوبوها نحو دعوات " قوادي حكومة تل أبيب " وعرصات الكنيست الإسرائيلي التي تدعوا الى أن يكون الأردن هو وطن الفلسطينيين ، وعدم السماح بعودة اللاجئين الى أرضهم ، و" تحرير الأراضي المحيطة بمستوطناتهم أو مستعمراتهم بالأحرى .. فماذا هم فاعلون ؟ هل يملكون من أمرهم شيئا ؟ بل ما الجديد الذي جاءت به دعوات أبناء الهاغانا والآرغون وخلفاء ديفيد بن غوريون .. الم يقل بن غوريون لهم يوما .. لا تخافوا من هؤلاء العرب فالكبار سيموتون والصغار سينسون ..
الم يقل بن غوريون مفجر الحلم الصهيوني يوما :
{ إن الأرض في أعيننا ليست الأرض التي يعيش عليها أو يمتلكها سكانها الحاليون.و عندما يقال بأن أرض إسرائيل هي أرض لقوميتين، يكون المبدأ الصهيوني قد حُرِّف، ففلسطين لا يجب لها أن تحل مشاكل الشعبين، ولا ينبغي لها أن تحلها لأنها لا تحل إلا مشكلة شعب واحد، هو الشعب اليهودي في العالَم }
.. ما الذي استجد اليوم ؟ .. الم يكن أول مسمار دق في نعش القضية الفلسطينية هو السماح بمنح جنسية أي دولة في العالم لأول لاجىء فلسطيني اقتلع من وطنه قسرا وغصبا .. الم يكن التآمر على المسجد الأقصى الذي تتباكى عليه عيوننا الكاذبة اليوم قد بدأ منذ عقود طويلة ؟
ان الفتنة التي يتذاكى أبناء غوريون بزرعها في هذا البلد خطيرة للغاية .. والمهم في الموضوع إن هناك أبطال من أبناء فلسطين لا زالوا يتناسلون على أرضهم في فلسطين لن يقبلوا إطلاقا الوصاية من احد ، ولا الخنوع لأوامر أو مقترحات كنيست اللممّ ، وهم يعلمون إن أكبر كلمة مرعبة في القاموس الصهيوني هي كلمة " فلسطيني " .. لذلك فمن سيحاول ان يمسح هذه الكلمة من الواقع والوثيقة فهو مصافح لغايات العدو الصهيوني !
أما الخطر الحقيقي بالنسبة للأردن أكثر من الوطن البديل فهو التغول للقوانين التي تفرض تباعا ودون مهادنة على الأردنيين الذين ستذلهم وسيدفعون الثمن عن يد وهم صاغرون ، وآخرها قانونين كارثيين هما قانون الضريبة الموحد والممول من الولايات المتحدة الأمريكية بمبلغ مائة مليون دولار قبضت نقدا وصرفت نكدا ، ويحمل مواد تخالف الإعلان الإلهي لكرامة بني البشر و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والإعلان الأردني لمنظومة العقد الاجتماعي الناظم ما بين الشعب كمواطنين مخلصين وبين الدولة ككيان سياسي حاكم .
والقانون الآخر هو قانون الضمان الاجتماعي ـ والذي لا استفيد منه شخصيا والحمد والمنة لله ـ والذي سيبطش بما تبقى من قطرات ماء لا تزال تحملها وجوه الموظفين الذين تحولوا الى متسولين متعففين متخفين بثياب " بشر مستتر " !
سأعود مرة تلو المرة وقبل ان أترككم اليوم الى السؤال الغبي هل بيننا أعداء أقسموا جهد أيمانهم إلا ان يقضوا على ما تبقى من مقومات الوطنية وأسباب العيش لدى هذا الشعب الذي لم يخن العهد يوما ، ولم يثور على أحد ، ولم ينكص عن دعوة ، ولم يطالب بأكثر من القليل .
إذا لم يعد أغبياء الحكومة الأردنية عن غيهم ويتراجعوا عن قوانينهم وضرائبهم ومخالفاتهم وسرقة حقوق الناس في المحافظات والأولوية والقرى والبوادي .. لن يجدوا رجلا واحدا يدافع عن بلده يوما ما .. لا بل لن تجد الدولة " كلبا " ينبح معها يوم يعز العويل !
Royal430@hotmail.com