بحسب معجم المعاني فان الرّزّ هو صوت الرعد البعيد, او صوت الفحل البعيد, او الصوت الذي يسمع عن بعد, وفي كل المعاني فانه يشير الى صوت بعيد, والأزّ هو هزّ الشي وتحريكه بشدة, فهل يكون للحكومة نصيب من اسم رئيسها, قالت العرب قديما : ( لكل امرئ من اسمه نصيب)، وهذه المقولة التي يصعب تصديقها، جاءت دراسة علمية حديثة لتثبت صحتها، حيث توصل باحثون إلى ان الناس يشبهون في الغالب الصورة المرتبطة بأسمائهم, كما أوضح الباحثون، في دراسة نشرت في مجلة "جورنال أوف برسوناليتي اند سوشيال سيكولوجي" المعنية بأبحاث علم النفس الاجتماعي، أنه من الممكن أيضاً إعداد برامج حاسوبية قادرة على التنبؤ بأسماء الأشخاص اعتماداً على شكلهم , فهل سيكون لحكومة الرّزّاز من اسمها نصيب, هل سيبقى صوتها مجرد صوت يسمع صداه من بعيد, وهل ستكون قادرة على تحريك وأزّ الامور بقوة وشدة تلبي طموح المواطن الاردني الذي ظل لسنين متعطشا ومتلهفا لقرارات جادة جريئة تعالج ملفات عجزت كل الحكومات السابقة عن معالجتها, وفي مقدمتها ملفات الفساد والتي غالبا ما يشار الى ارتكابها من قبل ذوي الياقات البيضاء وهم المجرمون من اصحاب النفوذ ومن الطبقات الاجتماعية العليا, وممن اعتادوا اكل اموال المواطنين زورا وبهتانا وظلما واعتداء , وهم بكل أسف من يحتلون موضع الصدارة في المجالس، ويتبوؤون المنازل العليا, ويهيمنون على المناصب الكبرى, ويحظون باحترام شريحة من المجتمع اعتادت التملق والتصفيق وهز الذنب ( السحيجة) ، هؤلاء المجرمون الفاسدون في ظاهرهم بيض الايدي انقياء الاثواب من الدنس, يقضون جزء من وقتهم في اصلاح ذات البين, ويتقدم البعض منهم في الجاهات والعطوات والمناسبات, والاحتفالات, يعيشون في بيوت محصنة، يخططون فيها ويدبرون لارتكاب جرائمهم ، والقليل منهم من تطاله يد العدالة, وفي حال طالتهم يد العدالة فانهم غالبا ما يواجهون عقوبات رحيمة ومخففة ومعتدلة لا تتناسب والجرائم المرتكبة من قبلهم, والتي تتراوح بين التوقيف, ودفع الغرامات, او التعويض, والتسويات المالية التي تعرضها الحكومة عليهم, وكلها عقوبات يتم ايقاعها بحقهم على استحياء وخوف, وتهدف من ورائها الحكومة الى تهدئة وتضليل الرأي العام ولملمة الامور والطبطبة عليها, مستخدمة اوتار فاسدة لا تقل عن جرائمهم كالعب على وتر الوقت والذي مع مروره تضيع القضايا وتسقط بالتقادم على الاقل على صعيد الرأي العام, ونصبح كمن يكافح الفساد بالفساد, او كالمنبت الذي لا ارضا قطع ولا ظهرا ابقى , حيث نسمع (رزّا) او قرقعة من بعيد , ولا نرى (أزّا) اي تحريكا للأمور .
ان مدى رضا المحكومين على الحكام والحكومات تقاس وترتبط بشكل كبير بالسياسات التي يتبعها الحكام في مكافحة الملفات الكبيرة والمهمة والتي تشغل الرأي العام, وفي مقدمتها قضايا الفساد, وهي مؤشر على قوة الحكومات ونجاحها, وانعكاس لقدرتها على المحافظة على اموال المواطنين ( المال العام) , والحكومات التي توارثت ملفات الفساد تجد نفسها في كل مرة انها كبش الفداء, وفي بدايات عهدها تطلق الوعود, وتعقد العهود, وتستعرض عضلاتها امام وسائل الاعلام في تصريحات مستهلكة تثبت الايام مع الوقت انها لم تكن سوى فرقعات جوفاء فارغة واشبه ما تكون بصوت يسمع من بعيد ولا ترى له اثرا, ولربما تجد هذه الحكومات نفسها امام قوى وتيارات غير قادرة على مواجهتها, واقوى منها, وتخشى مجابهتها , فتعلن حالة الاستسلام للأمر الواقع, فتبدأ صورتها تتشوه تدريجيا الى ان تصبح صورة بالغة السواد, فتحين الفرصة لتغييرها واستبدالها بحكومة اخرى, وتبدأ الكرة تتدحرج من جديد لتعود بنفس المسار والطريق, وفي دائرة مفرغة, وهكذا تجد حكوماتنا المتعاقبة ان ارادتها اضعف من مواجهة الواقع فتهرب معلنة انسحابها الضمني وهي تجر اذيال خيبتها وفشلها, فتكتم غيضها وتستر عيبها راضية بما يقال عنها, رغم انها ليست هي من ارتكب الجريمة, وانما كانت شاهدة عليها او مشاركة بجزء منها, ولم تكن تعلم ان السبب يكمن في غياب القواعد, والمنهجيات , وفي فساد السياسات قبل نوايا الرجال, ومن هنا فلم يعد بوسع المواطن أن يثق بأية تعهدات حكومية في الحرب على الفساد لأنه بات مدركا أن الحل لا يكمن في تغيير الحكومات, ولا في تغيير الوجوه بأخرى على شاكلتها ومن نفس اللون والرائحة, والتي باتت اوجه مختلفة محبطة لعملة واحدة , تؤمن جميعها وتجمع على أن الامر بات في حكم المستحيل, وأن ليس بالإمكان افضل مما كان, وانما يكمن الحل في كفاءات بشرية قادرة على التخطيط والتفكير, وقادرة على هزّ السفينة بشدة دون ان تلحق ضررا فيها, وتنطلق في عملها من رفض الواقع جملة وتفصيلا، ولا تقبل الدخول في مناقشة تفاصيل هذا الواقع, لإيمانها الراسخ بأن ذلك مضيعة وهدرا للوقت ودخولا في المهاترات والمتاهات التي تؤخر ولا تقدم ، وترى أن الحل المثالي للخروج من هذا الواقع يكمن بالثورة عليه، والبدء بإجراء تغيير مستمر ومتواصل وتراكمي, وبإصلاح شامل كلي وجذري دقيق يطال كافة اجهزة الدولة ومؤسساتها , وتتم معه مراجعة شاملة للسياسات والقواعد والمنهجيات, تغيير يدار بأيدي بيضاء نقية امينة, صالحة, تتقي الله في عملها, قادرة على مجابهة الخيارات الصعبة, وإجراء تحاليل علمية وصحية وقراءة معمقة في بيئة يسودها التعقيد والغموض من مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية, ومن ناحية التطورات والأحداث الجارية, وان كلفت هذه الثورة التضحيات او احتاجت الى تنازلات, ذلك لأن كلفة الوقاية اقل بكثير من كلفة العلاج , ولضمان نجاح التغيير تجد الحكومات نفسها بحاجة الى بناء التحالفات الاستراتيجية على المستويات الدولية والاقليمية , وتقوية وتمتين الجبهة الداخلية وتهيئتها وتعبئتها لتقبل التغيير ومؤازرته ومساندته, وان تكون الحكومة قادرة على اجادة فن مصارعة الجوجيستو اللفظية, من خلال امتلاكها للقدرة على امتصاص القوة الموجهة اليها , وتحويل ذلك الى فرص للتغيير, لا أن تبقى كعادتها في كل مرة صامته ولا يتعدى ردها تصريحا او بيانا رسميا مقتضبا يحمل طابع الهجوم على الخصم وتكذيبه واتهامه بإثارة الفوضى ونشر الشائعات الهدامة .