اليوم تعود الحياة إلى طبيعتها بعد عطلة عيد الأضحى المبارك ، تلك العطلة التي تزاور فيها الناس ، وتبادلوا التهاني وأطيب التمنيات بالعيد ، ورغم الظروف والأحوال ، وانشغال البال ، فقد كانت بعض مظاهر الفرح تبدد بعضا من عتمة الأحاديث التي دارت بين الكبار ، وقد أضفت عيدية الأطفال وبراءتهم قدرا من السعادة ، بينما حلت البركة من خلال حالة من التكافل الاجتماعي ، بتوزيع الأضاحي والمساعدات المادية والعينية ، والتواصل والتراحم الذي يعتبر سمة من سمات بلدنا وأهلنا الطيبين .
هكذا هو حال الأردن والأردنيين يعبرون دائما عن روح الأسرة الواحدة في الحزن والفرح على حد سواء ، وعاطفتهم النبيلة تجعلهم قادرين على ايجاد حالة من التوازن بين الحالتين ، وقد تجسد المثل الأعلى في هذه الفضيلة في مسجد الحرس الملكي بالعقبة عندما أدى جلالة الملك عبدالله الثاني صلاة العيد مع جموع المصلين ، ومنهم أسر شهداء الواجب في الفحيص والسلط ، لتتجلى كل معاني وقيم هذا البلد الصابر المرابط الذي يواجه التحديات بايمانه ووعيه وثباته .
أعود إلى أحاديث العيد التي سادت الدواوين والصالونات ، والتي كانت أشبه بالتحليل السياسي لشؤوننا الداخلية ، والإقليمية ، والدولية ، لتجد أن بال الأردنيين منشغل بفلسطين وسوريا والعراق واليمن وليبيا ، وبتركيا وايران وكوريا الشمالية ، وحتى بمصير الرئيس الأمريكي ترامب ، ولا أعرف إذا كان غيرنا من الشعوب من تمتد اهتمامتهم إلى هذا الاتساع ، وإذا كان هناك من تفسير لهذه الظاهرة الخاصة بنا على ما أظن فهو لأننا قوميون وإنسانيون ، مثلما نحن وطنيون .
إنه في الحقيقة أمر يدعو إلى الحيرة بقدر ما يدعو إلى التأمل ، فنحن نستحق أكثر بكثير مما نحن عليه ، وكل ما نحتاج إليه هو إعادة التمسك بالقيم والمبادئ الأردنية الأصيلة وتعظيمها ، فليس من المعقول أن نكون على هذا القدر من الحساسية تجاه قضايا الحق والعدل والأمن والسلام وكرامة الإنسان ، بينما تشوه صورتنا أمام أنفسنا وأمام غيرنا !
أعتقد أننا بحاجة إلى إعادة ربط الصلة الوثيقة بين الأردني الطيب ، والأردن الطيب حتى تظهر الصورة الحقيقية بأبهى وأجمل ألوانها !