حتى الآن كان التركيز على السياحة الواردة من الخارج باعتبارها صناعة تصديرية تستحق التشجيع، ولكن نجاحنا في هذا المجال كان محدوداً، ومع أننا أوصلنا البتراء إلى مرتبة إحدى عجائب الدنيا، إلا أننا لم نستطع حتى الآن استثمار هذا الفوز وتحويله إلى تدفقات سياحية.
الترويج للسياحة يحتاج لإمكانيات مالية غير متوفرة، ويتطلب سعة فندقية غير متوفرة، ويشترط وجود مرافق ترفيه بما فيها كازينوهات غير متوفرة، ولذلك فإن وزارة السياحة تشعر أن يديها مربوطتان خلف ظهرها، وأنها تنفخ في قربة مثقوبة.
وحتى عندما تصل التقديرات المبالغ فيها للمقبوضات السياحية إلى ما يعادل 12% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن الإسهام الحقيقي للسياحة بمقياس القيمة المضافة لا يزيد عن 4% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة ضئيلة جداً في بلد يصف نفسه بأنه بلد سياحي.
وحتى هذه النسبة الضئيلة تشمل نفقات المغتربين الأردنيين في إجازاتهم الصيفية، والتي لا تحتاج لترويج وتعتبر مضمونة في جميع الحالات.
الحل يكمن في تركيز الاهتمام على السياحة الداخلية، التي أخذت بالازدهار كما تدل حالة الفنادق في العقبة والبحر الميت. والإمكانيات واسعة جداً، ذلك أن أغلبية الأردنيين لم يشاهدوا البتراء، ولم يتجولوا في رم، ولم يذهبوا إلى أم قيس، ولم يشاهدوا فلسطين من قلعة الربض أو سياغة مأدبا.
تشير الإحصاءات إلى أن الأردنيين أنفقوا في العام الماضي أكثر من 800 مليون دينار (أكثر من مليار دولار) في الخارج لأغراض السياحة والاستشفاء والدراسة. إن تحويل جانب منهم للسياحة الداخلية يؤمن دخلاً إضافياً ويوفر مبالغ طائلة بالعملات الأجنبية.
ليس هناك فرق بين دولار نكسبه من سائح عربي أو أجنبي ودولار نوفره من تحويل سياحة أردني في الخارج إلى سياحة داخلية.
الأزمة العالمية قد تؤدي إلى انخفاض حركة السياحة الواردة، فلماذا لا نعوضها بالسياحة الداخلية، التي يمكن أن تلبي طلب الراغبين في السياحة خارج الأردن، وتنشط في الوقت ذاته قطاع السياحة المحلي الذي يخلق آلاف فرص العمل ويوفر العملة الأجنبية.
د. فهد الفانك