العضايلة: التنسيق الثنائي المشترك أحد العناصر المحورية بين عمان وموسكو
22-08-2018 04:57 PM
عمون- أكد السفير الاردني في موسكو أمجد عودة العضايلة أن الحوار السياسي الصريح والبنّاء بين عمان وموسكو، والتنسيق الثنائي المشترك حيال القضايا الدولية والإقليمية الراهنة، يشكل أحد العناصر المحورية في اجندة العلاقات الأردنية الروسية.
وشدد العضايلة، في مقالة له نشرتها وكالة أنباء (تاس) الروسية بمناسبة الذكرى الخامسة والخمسين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، أن العلاقات الاقتصادية الثنائية شهدت في السنوات الأخيرة نقلة نوعية وتطوراً ملموساً.
ولفت العضايلة إلى أن جلالة الملك عبدالله الثاني حرص منذ لحظة تسلمه مقاليد الحكم على تفعيل وتعميق العلاقات مع روسيا والرئيس فلاديمير بوتين حتى وصلت إلى المستوى الاستراتيجي، الذي هي عليه اليوم.
وفيما يلي نص المقالة، التي نشرتها وكالة تاس أمس واستعرض فيها العضايلة التطور في مختلف مجالات التعاون الثنائي، حيث تبادل زعيما ووزيرا خارجية البلدين التهاني، في اتصالات هاتفية، بهذه المناسبة الدبلوماسبة:
"تحتفي المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية روسيا الاتحادية اليوم 21/8/2018 بالذكرى الخامسة والخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما والتي وضعت أساسا متينا لعلاقات صداقة تاريخية بين البلدين وشعبيهما.
وإيمانا من حرص جلالة الراحل الباني الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه على أهمية العلاقة مع الاتحاد السوفيتي، فقد أمر جلالته بإقامة علاقات دبلوماسية مع هذه الدولة العظمى، توجت بتوقيع اتفاقية في 21 آب عام 1963 مهدت لفتح بعثات دبلوماسية في عاصمتي البلدين وبدء حوار وتعاون بناء بينهما.
الاتحاد السوفيتي ابدى في حينه حرصا أيضا على إقامة علاقات دبلوماسية مع الأردن نظرا لأهميته في السياسية الشرق أوسطية ودوره في الاستقرار الاقليمي والعالمي وحكمته واعتداله، واستشهد رئيس الوزراء الروسي الراحل "يفجيني بريماكوف" في مذكراته إن "من أعظم قادة العالم والشرق الأوسط الملك الأردني الراحل الحسين بن طلال"، طيب الله ثراه، وأكد أنه كان على علاقة وصداقة شخصية مع جلالته منذ اللحظات الأولى لإقامة العلاقات السوفيتية الأردنية في حينه.
هذه العلاقة المتينة المبنية على أسس راسخة من التعاون والمصلحة والاحترام المتبادل، والمستندة أيضا الى الثقة المتبادلة بين قيادتي البلدين، اعطاها زخما قويا لتطور مستدام، وبقيت علاقة راسخة قوية ايضا مع التحولات التي حدثت بعد التسعينات من القرن الماضي وإعلان الاتحاد الفيدرالي الروسي، حيث شهدت هذه العلاقة نقلة نوعية منذ تولي صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله، سلطاته الدستورية عام 1999 اذ حرص جلالته منذ تبوأ أمانة المسؤولية على تفعيل وتعميق العلاقات مع روسيا وقيادتها برئاسة فخامة الرئيس فلاديمير بوتين، حتى وصلت إلى مستوى العلاقة الاستراتيجية المبنية على الثقة والاحترام المتبادل والتعاون من اجل دعم السلام والاستقرار والامن في المنطقة .
وعلى مدار العقدين الماضيين شهدت هذه العلاقة تطورا ملحوظا وتميزا، كما أرادت له قيادتا البلدين في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية بالإضافة إلى المجالين العسكري والأمني. كما ويشهد التشاور والتنسيق المتواصل بين عمان وموسكو تعمقا حيال مختلف قضايا المنطقة الملحة، وفي طليعتها القضية الفلسطينية المحورية، حيث يثمن الأردن في هذا المجال الموقف الروسي الثابت من ضرورة الحل السلمي العادل للقضية الفلسطينية على اساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية وعدم شرعية القرارات أحادية الجانب التي تمس القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.
ويعتبر الحوار السياسي الصريح والبناء والتنسيق المشترك حيال القضايا الدولية والإقليمية الراهنة، وخصوصا إزاء الأزمة السورية أحد العناصر المحورية في اجندة العلاقات الأردنية الروسية، لوضع نهاية لهذا الأزمة على أساس الحل السياسي، وعودة الاستقرار والأمن لسوريا، وبما يضمن وحدة أراضيها والمحافظة على نسيج ووحدة شعبها الشقيق وعودة اللاجئين والنازحين الى ديارهم . فالأردن يحرص على التنسيق والحوار الدائم والمستفيض مع روسيا، لإيمانه بأهمية الدور الذي تلعبه روسيا الاتحادية في العالم وبما يحقق الاستقرار والسلم العالمي .
لقد شهدت العلاقات الاردنية الروسية الاقتصادية في السنوات الأخيرة وبمختلف مجالاتها نقلة نوعية وتطورا ملموسا، حيث ابرم البلدان عددا من الاتفاقيات الهامة التي عززت هذا التعاون في هذه المجالات، وتأسس مجلس للأعمال الأردني الروسي ليعمل على تفعيل العلاقات التجارية والاقتصادية. كما بات الأردن مقصدا سياحيا هاما للأفواج الروسية المختلفة، وبشكل خاص سياحة الاستجمام والسياحة الدينية إلى موقع عماد السيد المسيح عليه السلام في "المغطس" على ضفاف نهر الأردن، حيث شيدت الكنيسة الارثوذكسية الروسية مبنى كنسيا متكاملا "البيت الروسي" للحجيج على قطعة أرض تبرع بها حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم "حفظه الله" الذي تم افتتاحه خلال زيارة فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الأردن عام 2012.
وعلى الصعيد التعليمي والثقافي لعبت روسيا الاتحادية دورا هاما في تدريس وإعداد الكوادر العلمية الاردنية المؤهلة، حيث تخرج من المعاهد والجامعات الروسية العريقة على منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين آلاف الطلبة الأردنيين الذين يساهمون اليوم بكفاءة في مسيرة البناء والتطور في مختلف مواقع العمل في الأردن، كما وتنفذ برامج للتبادل العملي للطلبة الروس الراغبين بتعلم اللغة العربية لغير الناطقين بها في الجامعات الأردنية وتلقي العلوم الإسلامية. بالإضافة إلى ذلك هناك قصص مصاهرة و زاوج ناجحة بين آلاف الشبان الأردنيين الخريجين وفتيات روسيات انتقلن لاحقا للعيش مع أزواجهن في الرحاب الأردنية، ما ترك بصمة واضحة على تطوير العلاقة الاجتماعية بين البلدين.
إن الأردن المعتدل والوسطي المنحاز لقضايا امته العادلة، والمؤمن بقيم العدالة والحرية والتسامح بين الدول لما فيه مصلحة الإنسانية جمعاء يعمل مع روسيا الاتحادية والدول الأخرى المحبة للسلام من أجل مكافحة آفة العصر المتمثلة بالإرهاب والتطرف بكافة صوره واشكاله.
وعلى صعيد ما يسمى بالدبلوماسية المجتمعية واحفتاءا بالذكرى 55 لبدء العلاقات الدبلوماسية الاردنية الروسية سيتم وبالتعاون ما بين السفارة الروسية في الأردن وأمانة عمان وبدعم من جمعيات الصداقة الروسية الأردنية المختلفة وضع حجر الأساس للحديقة الروسية في عمان، وستكون هذه الحديقة معلما معماريا مميزا من معالم العاصمة الأردنية وشاهدا راسخا على عمق وتميز العلاقة بين البلدين على الصعيد الشعبي من خلال جمعيات ولجان الصداقة الشعبية والبرلمانية أيضا".