كنت طالبا في المرحلة الابتدائية في مطلع السبعينات من القرن الماضي في قرية من قرى الأردن وهي عي.
لم يكن هناك كهرباء، ولاخطوط ماء، ولا وسائل إتصال حديثه، لكن كان هناك اكتفاء ذاتي مما يحتاجه الإنسان من الطعام والشراب.
الماء وجلبه من الينابيع صباحاً ومساء
الخبز بكل مراحله من زراعته إلى أن يصل رغيفا جاهزاً للأكل كان من إنتاج الأسرة نفسها
وكذلك بقية المنتوجات الزراعيه
المباني المدرسية مستأجره لكن كان لها قيمة وقدسية ومكانة في نظر الجميع وانعكس ذلك على إحترام المعلم ومكانته في المجتمع
كذلك المسجد والإمام
وأذكر هنا أن أحد معلمي قريتي وهو الأستاذ الجليل خازر الهلسا وهو من أبناء الكرك كان معلما في قريتي وقد درس والدتي وجيلها واجيال اخرى.
هذا المعلم له بصمات لازالت تذكر إلى اليوم
لقد فكر هذا الأستاذ الفاضل في إقامة منظومة ري وشق القنوات الزراعية لري البساتين من الينابيع الموجودة في البلدة وقد جمع كل التبرعات من سكان القرية من خلال عقد الإجتماعات في مسجد عي الوحيد مما يعكس مدى التآلف والمحبة والتعاضد والتكاتف والتسامح بابهى صوره وتجلياته
كنا وما زلنا لانعرف ولانميز بين مسلم ومسيحي يد واحده هم واحد أهداف واحده كذلك مصير واحد
مشاهد كثيرة في ذاكرتي لامجال لسردها هنا لكن هناك مشهد لازلت اذكره إلى الآن يدلل على سمو العلاقات وقدسيتها واحتكامها لمنظومة قيمية وأخلاقية في أبهى صورها وهي مشاهد لمباريات كرة الطائرة والتي كانت تقام وبشكل مستمر مابين فريقي الذكور والإناث على الملعب الترابي الوحيد في القرية وكان هناك جمهور يشاهد تلك المباريات يشجع ويستمتع بما يراه
مجتمعات الطيبة تلك كانت تعطي كل الأشياء أهميتها وقيمتها بعيداً عن التزييف والتدليس ومنها الرياضه
كان للحياة معنى حقيقي مختلف عفوي برئ نقي يجمع ولايفرق على الرغم من شح الحال لكن كانت السعاده موجوده كما هو الإنتاج موجود
عي لم تكن وحدها بل هي نموذج لقرى وبلدات عديدة في الأردن