نبدأ اليوم عطلة طويلة نسبيا، وعلى خلاف انطباعاتنا القديمة عن العطل، تغرق شوارع عمان والمدن الكبرى بالمركبات، بشكل يفوق أيام العمل وساعات الذروة المعتادة، للحد الذي يعتقد معه المرء أن الناس يقضون إجازة العيد داخل سياراتهم وهم يدورون في شوارع العاصمة.
عمان، على وجه التحديد، تتحول شوارعها مع ساعات المساء إلى كراج كبير للسيارات المتراصة بطوابير طويلة. ومنذ رفع أسعار الوقود أو تحريرها لم نشهد أي تراجع في استخدام المركبات الخاصة، لكن هناك ميل متزايد لاقتناء سيارات "الهابيرد" منخفضة التكاليف.
المواطن معذور في الاعتماد على مركبته الخاصة، ففي غياب نقل عام لائق، لا سبيل للتنقل غير الاعتماد على المركبات الخاصة.
أمس، وجريا على عادتها السنوية، أعلنت أمانة عمان عن حرصها على توفير نقل عام طوال أيام العطلة، وتشغيل خطوطها على مدار الساعة، وأكثر من ذلك خصصت رقما لتلقي ملاحظات وشكاوى المواطنين على خدمات النقل العام.
لكن ما نلاحظه على باصات النقل العام في العطل هو أنها تكون شبه فارغة إلا من القليل من الركاب، لأن معظم مستخدميها في الأيام العادية هم من العمال الوافدين وطلاب الجامعات.
أما الخطط المرورية لمعالجة الازدحامات المرورية في عطل الأعياد والمناسبات، فهي أقرب ما تكون لبيان حسن نوايا من الجهات المعنية، لأنها في الواقع لا تملك فعل أي شيء لتخفيف الأزمات.
الرقابة على المخالفات المرورية تغدو في أدنى مستوياتها، والشوارع التي تضيق بعشرات الآلاف من السيارات، تبدو كقدر لا مفر منه لا يملك رجال السير سوى مراقبة المشهد من حولهم من دون أن يتمكنوا من رده.
ولو أن رئيس الوزراي المنخرط مع قضايا الناس في الميدان وطاقمه الوزاري نزلوا بأنفسهم لتنظيم السير في شوارع عمان والتخفيف من الأزمات المرورية، لوقفوا عاجزين مثل رجال السير.
المعضلة استفحلت منذ سنين طويلة، وحلها لا يكون بجرة قلم. نعم بالإمكان اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من الأزمات لكنها لن تحدث فرقا كبيرا في الأزمة.
في ذهن الحكومة هذه الأيام أفكار من قبيل إطلاق تطبيق على الهواتف الذكية لمواعيد حركة باصات النقل العام، والمحطات التي تتوقف عليها، وما على المواطن سوى ضبط ساعته على تلك المواعيد للانتقال من محطة لأخرى.
هذا تقليد عالمي، لكنه نهاية الطريق وليس بداياتها بالنسبة للمواطن، فقبل إطلاق تطبيق كهذا ينبغي أن نضمن ترددا ثابتا للباصات يضمن وصولها بالوقت المحدد بالدقيقة، وهذا يتطلب أن يكون للحافلات مسارب خاصة لا تعيقها أزمات مرورية وفوضى السيارات في الشوارع، فكيف لحافلة نقل ركاب تنطلق من العبدلي صوب الجامعة الأردنية أن تضمن الوصول وسط حرب الشوارع المندلعة بين المركبات، وعدم وجود مسارب مخصصة لها حصريا ومحطات ثابتة لتحميل وتنزيل الركاب؟!
داخل المدن الكبرى وبين بلداتها وقراها الوضع ليس بأفضل حالا، فما تزال تجمعات سكانية عديدة تعتمد في تنقلها على المركبات الخاصة و"البكبات" تماما كما الحال قبل عشرات السنين.
النقل العام في الأردن قصة فشل بامتياز. عطلة سعيدة تقضونها داخل مركباتكم.
الغد