من المواضيع التي أهتم بها علم النفس منذ الحرب الثانية موضوع الأشاعة ،فلقد لاحظ علماء النفس والمهتمون بالحروب إن الأشاعة وسيلة هامة من وسائل الحرب النفسية يستفاد منها العدو الذي يوعز لعملائه ببث الأشاعات التي تبلل نفسية الناس وتفقدها ثقتها بالحكومة وتشككها بمؤسساتها الامنية.
ويلاحظ إن الأشاعات قد تنتج عن خوف المواطنيين ،فهم يفتحون آذانهم لالتقاط الاشاعات التي قد يطلقها أناس أبرياء أو جماعة من العملاء أو المخربين أو الخونة . وبالنهاية أن غالبية الاشاعات كانت طبيعة إفترائية شريرة تعبر عن فكر أو عداء ضد هذه الجماعة او تلك.
وحين تنتقل الأشاعة من فرد الى فرد تميل الى أن تصبح أقصر كثافة وأسهل فهما للاخبار أو للحقيقة ،وعلى كل حال الأمر لا يحدث بشكل عفوي بل إن الأمور التي تهم الناس بشكل خاص أو ما يتوقعونه تساعدهم على بناء القصة التي يريدونها ونادرا ما تنسى بل تبقى دائرة الأشاعة موجودة ومشكوك بها و هي تعمل عملية شخصية تعطي صورتها النهائية .
والخلاصة:حين يكون حقل مستثير ذا أهمية بالنسبة للفرد ،ولكنه بنفس الوقت غير واضح أو قابلا للتفسير باشكال مختلفة تبدأ حينئذاً عملية شخصية .بالرغم من أن العملية معقدة فيها تسوية وشحد وتمثل فإن طبيعتها الأساسية يمكن أن توصف بأنها جهد لتخفيف المثير الى بناء بسيط ذا معنى له دلالته بالنسبة للفرد وفيما يخص شتات أهتمامه وخبراته .وتبدأ العملية في اللحظة التي يدرك فيها الوضع الغامض،ولكن الآثار تكون أعظم ما تكون اذا تدخلت الذاكرة ،وكلما كان الوقت الذي يمر بعد إدراك المثير أطول يكون التغير ذو الوجوه الثلاثة أعظم .
وكذلك فانه كلما زاد عدد الأشخاص الذين يتناقلون الأشاعة أكثر يكون التغيير أعظم ويستمر ذلك الى أن تصل الأشاعة الى قدر من الأختصار يمكن معه أعادتها من الذاكرة.