اصلاح القطاع العام .. ونوايا الحكومة .. !!
د.طلال طلب الشرفات
19-08-2018 03:38 AM
لم يعد إصلاح القطاع العام إجراءات بيروقراطية وخطط عشرية وخمسية تتبدل فيها الحكومات وتعود الإجراءات فيها إلى المربع الأول دوماً، بل إن إصلاح القطاع العام يتمثل في قرارات شجاعة ومدروسة بعقل وتروٍ كما حدث في تركيا عندما اتخذ حزب العدالة والتنمية قراراً بنقل تركيا إلى مصاف الدول المقدمة وعلى وشك أن تدخل نادي العشرة الكبار في النظام الاقتصادي العالمي، ولعل النوايا التي أعلن عنها رئيس الحكومة تبشر بالخير، وتحتاج الى فريق متجانس لحمل أعباء المسؤولية الناجمة عن اتخاذ قرارات قد تكون صعبة.
دمج الوزارات المتشابهة خطوة ستكون رائدة، إن كان هناك ثمّة احتراف في إدارة الوزارات من حيث الرؤى والسياسات والقرارات الشجاعة المجردة من أي انحياز، والمنَّزهة عن كل هوى، ويرافق ذلك ضرورة الانسجام بين أعضاء الفريق الوزاري وقدرته على التمثيل الرزين والمحكم للحكومة أمام البرلمان والشعب، والقراءة الواعية والذكية لتوجهات ورؤى الرئيس دون الحاجة إلى التفصيل في كل توجه أو قرار.
وزارة التربية والتعليم العالي، ووزارة المياة والزراعة، والبلديات والبيئة، والسياحة والنقل، والثقافة والشباب، والعدل والعمل ثنائيات معقولة يمكن التفكير بها لغايات دمج الوزارة لترشيق عمل الفريق الوزاري، والتقاط توجيهات الرئيس بسهولة ويسر، وضبط النفقات، وهي فلسفة أظن أن الرئيس يفكر فيها بجديّة، وقد يكون مناسباً جداً إن تمَّ دمج الهيئات والمؤسسات المتشابهة أو إلغاء بعضها إذا كان في ذلك مصلحة وطنية.
هناك دوائر لم يعد لوجودها داعٍ، وقد تُسند مهامها لوزارات أو هيئات أخرى ومنها، سجل الجمعيات، والصندوق الوطني لدعم الحركة الشبابية، ودائرة الافتاء، ومعهد الإدارة العامة، وصندوق توفير البريد، والمؤسسة التعاونية، وبنك تنمية المدن والقرى، والمركز الثقافي الملكي، وصندوق الحج، وهيئة تنظيم النقل البري، والهيئة البحرية الأردنية، والمركز الوطني للبحوث الزراعية، ومؤسسة الإقراض الزراعي، والمؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع، والمعهد الدبلوماسي، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ودائرة الشؤون الفلسطينية، ومؤسسة استثمار الموارد الوطنية. وهناك دوائر ومؤسسات أخرى يمكن دمجها إن لم تكن هناك اتفاقيات دولية ملزمة. ومثال ذلك دائرة العطاءات العامة والشراء الموحد واللوازم، وهيئات النقل البري والبحري، والخط الحديدي الحجازي، ومؤسسة سكة حديد العقبة، وصندوق المعونة الوطنية، وصندوق التنمية والتشغيل، والاقراض الزراعي، وصندوق التشغيل والتدريب والتاهيل والتعليم المهني، وصندوق تنمية البادية، وصناديق وزارة الاوقاف، وكل المؤسسات المشابهة في عملها.
سياسة إعادة الهيكلة التي قادها قبل سنوات معالي السيد مازن الساكت والتي واجهت معارضة شرسة أثمرت في تحقيق بعض الفوائد، ولكن ربط كافة المؤسسات بديوان الخدمة المدينة وإن كان يحقق عدالة؛ إلاَّ أنه أثَّر سلباً على بعض المؤسسات تلك التي تحتاج لخبراء، وجهد نوعي في الأداء، وقد يكون ملائماً مراجعة السابق والإضافة عليه بما يحقق النفع العام، وإدارة الموارد العامة، والأداء العام بشفافية وحكمة؛ بما يخدم المصلحة الوطنية العليا وضبط النفقات وترشيد القرار الإداري.
قيام الحكومة بما يلزم - مما سبق ذكره- سيؤدي لفتح باب الإصلاح الإداري في كاقة القطاعات، وحوكمة الإجراءات الإدارية والإسراع في الحكومة الإلكترونية، وتعزيز النزاهة والشفافية، وسيادة القانون، وتكافؤ الفرص في إدارة وإشغال المرافق العامة، وللحديث في هذا الشأن بقية ....!!!