facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




قرارات ترامب بريئة من ازمة تركيا المالية والاقتصادية


د. عادل يعقوب الشمايله
18-08-2018 08:49 AM

لا يمكن لاي عاقل حاصل على شهادة الابتدائية في الاقتصاد، أن يصدق، ان سقوط الليرة التركية قد نجم فجأة عن العقوبات الامريكية، وذلك للاسباب التالية: أولها أن العقوبات لا زالت مجرد قرارات ولم تطبق بعد، وتحتاج الى عدة اسابيع وربما عدة اشهر حتى تطبق وتؤثر. ثانيا، أن الولايات المتحدة الامريكية ليست المستورد والمستهلك الوحيد للصلب والالمنيوم الذي تنتجه تركيا. أي أن الاسواق التقليدية لهاتين السلعتين ستستمر كما كانت غير متأثرة بالقرارات الامريكية. ثالثا، ان الاقتصاد التركي لا يستند على انتاج وتصدير سلعتين فقط هما الصلب والالمنيوم، واذا كان كذلك، فانه اقتصاد ضعيف وفاشل.

الحقيقة، أن الاهمية النسبية لهاتين السلعتين في الاقتصاد التركي ليست عالية الى درجة الحسم. رابعا أن تراجع الليرة التركية ليس وليد اللحظة، بل انه قد بدأ منذ اكثر من عام. خامسا، لقد سبق وان فرض ترامب عقوبات اقتصادية أشد على كل من الصين واليابان وروسيا، وحلفاء امريكا الاوروبيين وجارته كندا، فماذا كانت النتيجة؟ هل انهار اقتصاد أي من هذه الدول؟ هل سقطت عملة أي منها كما حدث لليرة التركية؟

كلنا يتذكر العقوبات الاقتصادية التي فرضتها روسيا على تركيا والتي تركزت على قطاعي السياحة الروسية الى تركيا والصادرات التركية الى روسيا عقب اسقاط تركيا للطائرة الروسية. ولان السياح الروس يشكلون نسبة عالية من السياحة الى تركيا، اضافة لتعدد السلع التي جرى حظر دخولها الى روسيا، فقد اضطر الرئيس اردوغان الى التراجع وطلب الغفران. والدليل، أنه رغم الموقف التركي المعلن بوضوح وصرامة ضد جزار سوريا حليف روسيا، ورغم أن تركيا كانت الممر الرئيسي وربما الوحيد للمتطوعين القادمين من شتى البلدان للالتحاق بحركة داعش وغيرها من الحركات الارهابية، ورغم تحالف الحكومة التركية مع داعش خاصة في معركة عين العرب، الا ان التأثير التركي قد بدأ بالتراجع بعد العقوبات الروسية الى درجة الغياب. كما اضطرت تركيا الى المشاركة في ضرب داعش لارضاء روسيا والغرب.

لقد كنت أعد مقالا عن الوضع الاقتصادي في تركيا منذ شهر، أي قبل صدور قرارات ترامب العقابية وكان واضحا من المؤشرات الاقتصادية ان الوضع في تركيا يتراجع وانها ليست بخير استنادا الى البيانات الرسمية التركية وبيانات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها من المصادر الموثوقة.
فيما يلي ايضاح لوضع تركيا الاقتصادي والذي يبين الاعتماد العالي لتركيا على الديون بالعملات الاجنبية لتمويل الانفاق الحكومي والشعبي مما ادى الى عجز كبير في موازنتها العامة وميزان مدفوعاتها وميزانها التجاري. الحكومة تنفق اكثر من ايرادتها، والشعب يستورد اكثر مما ينتج ويبيع حيث وصل العجز في الميزان التجاري الى 59 مليار دولار ونسبة التضخم 12%. كما وصل العجز في ميزان المدفوعات الى حوالي 47% من الناتج المحلي الاجمالي حسب صندوق النقد الدولي. اما الديون الخارجية فتشكل 53% من الناتج المحلي الاجمالي، منها 28% على الحكومة والباقي على الشركات والقطاع الخاص بشكل عام. احتياطات تركيا من العملات الاجنبية قليلة بحيث لا تسمح لها بشراء الليرة لدعمها، اضافة انها مملوكة لبنوك ومستثمرين قد يسحبونها في أي لحظه. وتبلغ نسبة البطالة في تركيا 10.9 % كما ان معدل الدخل الفردي فيها 10500 دولار مما لا يضعها في سلم الدول الصناعية الاوروبية حيث يتجاوز معدل الدخل الفردي الى 150% من الرقم في تركيا على الاقل. رغم كل ما ذكر، فاننا لا ننكر التطور الكبير الذي شهدته تركيا في كافة المجالات وتحقيقها لنسب نمو اقتصادي من بين الاعلى في العالم. لكننا نريد ان نصحح الاشاعات التي يتناقلها المتعاطفون مع تركيا وهي شعارات باطلة ومغلوطة ومضللة.

مشكلة تركيا ان قيادتها تتناسى أنها دولة نامية. وبسبب هذا التناسي فانها تتصرف كأنها امبراطورية. يريد حكام تركيا ان يبرهنوا أنهم ورثة الامبراطورية العثمانية التي هلكت قبل مائة عام بسبب لاعقلانيتها وامراضها المزمنة الكثيرة، أي انهم يريدون لعب ادوار اقليمية.

المشكلة الثانية، أن اردوغان يتصرف كفرد بعد أن استفرد ليس بالسلطة التنفيذية فقط ومد نفوذه ليشمل القضاء، ومن خلال حزبه الذي يرأسه السلطة التشريعية ايضا، مما يبشر بحكم ديكتاتوري وغياب المراقبة والمحاسبة، ولانه كذلك، فقد اصبح يقلد عبدالناصر وصدام حسين والقذافي في ممارسة دبلوماسية الميكروفونات. لقد اتخذ كل من عبدالناصر وصدام أهم القرارات المصيرية التي اتت بالدمار لبلديهما وللعالم العربي والاسلامي دون دراسة وحسابات ودون تشاور ودون مؤسسية في لحظة حماسية وأثناء خطاب عاطفي رنان يلقى على رؤوس جماهير المؤيدين المؤدلجين الجهلة السحيجة الذين لا يسمعون وان سمعوا لا يعون ما سمعوا. سينتهي اردوغان كما انتهت الانظمة التي اعتمدت الديماغوغية، وسيكون اكبر المساهمين في نهايته، حركة الاخوان المسلمين بنفس الطريقة التي ساهمت فيها بانهاء صدام حسين. تحميس الشارع ورفع الشعارات واليافطات والتظاهر ثم قبض الثمن من تحت الطاولة. اضافة الى السلوكات التي اسقطت مرسي في مصر وحزب النهضة في تونس بمحاولة الاستحواذ على السلطات الثلاث وتمكين الاتباع في كافة مفاصل الدولة واستبعاد كافة أطياف المعارضة المؤثرة. المروجون لحكام تركيا ينسون ان تركيا لا زالت دولة علمانية وأن اردوغان لا زال يعترف بعلمانية تركيا ويمارس سلطاته على هذا الاساس. اردوغان ليس أمير المؤمنين كما يحلو للغوغاء تصوره. والتفرد بالحكم وان كان من خلال حزب وانتخابات لا يختلف بالنتيجة عن حكم العسكر.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :