منصة الدوحة .. بروفة ل"هجرة جماعية "
فارس الحباشنة
16-08-2018 06:06 PM
لا أعرف بالضبط وعلى وجه الدقة أن كان "الشاب قتيبة" من بين ربع مليون أردني تقدموا لمنصة الوظائف الدوحة المقدمة للأردن . هو موسم هجرة جماعية لشباب أردني عاطل عن العمل ، جيوش بطالة ينتظرون من أعوام الحصول على فرصة عمل ، ولو بأدنى الأجور .
الكل يتهرب من الرد على صيحة قتيبة والهاشتاق الشهير على التوتير الذي وجه الى رئيس الحكومة عمر الرزاز ، ونصه التالي : دولتك ممكن تصير الأردن زي ما بدنا بالقريب ؟ يعني في احتمال نشيل الهجرة
من راسنا ونصير نحب العيشة بالبلد ؟! جاوبني بصراحة وتجاملنيش !
طبعا الرئيس الرزاز رد في مغبة أول أيام تشكيل الحكومة "الطوطبيات و الاحلام الساحرة والوعود الخرافية " التي كان يقدمها للأردنيين ، رد ناصحا قتيبة قائلا : قتيبة نعم شيل الهجرة من رأسك ... بس كون مبادر وبمشاركة الجميع سنحقق ما نريد لنا وللأجيال القادمة إن شاء الله''''''''''''''''.
والهجرة و البحث عن فرص عمل صارت رحلة هروب جماعي ، على تقسيمات الموت الرخيص بالهجرة اللاشرعية والصبر والانتظار والعوز ودق أبواب السفارات العربية والاجنبية ، يخرج الشباب الأردنيون من بين الشقوق بحثا عن أمل في عمل وعيش كريم .
قتيبة ليس وحيدا ، وحالة فردية ، ولربما أن رئيس الحكومة رد على عجالة دون أن ينفض الغبار عن ملفي الفقر والبطالة في الاردن ، رغم أنه قادم الى الحكومة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، وخبير له
باع طويل وعريض في دراسات الاقتصاديات النامية و الطرفية . ثمة ما هو طريف في هذه الملاحظة .
أكبر هاجس ، بل الأهم هو فرصة العمل ، وهي ما تحكم العقل والمزاج الجماعي ، وفي لحظة عابرة لو راجعنا أرقام الأردنيين المتقدمين لمنصة الدوحة ، فثمة ما يثير الرعب والسؤال بحرج وحساسية بالغة
التعقيد عن البطالة في الأردن ؟
مااذا تعمل وزارة العمل ؟ وما هي حقيقة الأرقام عن سياسة التشغيل التي تقدمها موسميا للحكومة ؟ أفواج الخريجين من الجامعات أين يذهبون ؟ وماذا يعملون في سنوات اليأس والأحباط ببحثهم عن فرصة عمل ؟
الارقام مرعبة ومخيفة ، وهي بارتفاع ، ولو تترك المنصة مفتوحة ، فقد يصل عدد المتقدمين الى مليون أردني ، بمعنى أنها هجرة جماعية الى قطر . ولو فتحت منصات أخرى لكانت جاذبة أكثر لأردنيين ، ولربما بعضهم على أستعداد أن يترك وظيفته الحالي بحثا عما هوفرض عيش أفضل وحياة كريمة .
الخبر الأهم في الأردن اليوم هو منصة الدوحة ، وأكثر ما تسمع على الألسنة الشباب الأردني ، هل تقدمت بطلب توظيف الى المنصة ؟ وينتظرون بفارغ الصبر زيارات وزير العمل الأردني الى قطر ، ويراجعون قراءة أخبار الوزير يوميا ، ولربما تحمل أملا جديدا .
الخبر الصدمة ، وأعذروني ليس بربع مليون أردني تقدم بطلب وظائف لمنصة الدوحة التي نحترم بمبادرتها الطيبة والايجابية ،ولكن لكل من حاول أن يحصل على أرقام دقيقة من وزارة العمل الأردنية عن البطالة وأعداد المتعطلين عن العمل ، والارقام الدقيقة لفرص العمل التي توفرها برامج تشغيل أردنية ينفق عليها ملايين دنانير .
صرخة قتيبة واقعيا قد تأخرت ، و أجيال من شباب أردني تكدسوا و تحولوا الى أكوام بشرية من العاطلين عن العمل ، لم يسمكوا بايدهم فرصة في وطنهم ، ولا هاجروا للخارج بحثا عما هو أفضل وأنجع ، وبحثا عن حياة وعيش كريم ، ولربما هي الفرصة الأخيرة ، وقد حاصروا قتيبة بالوعود ، سكنوا هاجسه بالانتظار ، وهو مازال ينتظر بمشاعر بليدة .
ليست صدفة أن تطفو أخبار الهجرة الجماعية من الأردن ، وأن تتوع و تنتقل من شباب محرومين ومهمشين وعاطلين عن العمل باحثين عن أمل في الانتقال من حياة الى أخرى …