لعل من الامور الواضحة ان اهتمام الناس بتغيير الحكومات لم يعد كبيرا , واحيانا كثيرة لايتوقفون عند اسماء القادمين والذاهبين , ليس لكثرة التغييرات بل لعدم وضوح الفرق بين السلف والخلف , ولان الوزراء في غالبهم طواقم معظم الحكومات , ولان هذه المواقع فقدت مكانتها الشعبية وجزءا كبيرا من وزنها السياسي.
ومع كل موسم تغيير حكومي تخرج اراء تطالب بن يتم تغيير الية تشكيل الحكومات لتكون الية سياسية وهي مطالب مشروعة وضرورية لكننا لادراكنا معطيات الواقع الحزبي والنيابي والعام فاننا سنقوم متواضعين في احلامنا كمواطنين ونطالب ان يكون من اهم اسس تشكيل الحكومات واختيار الؤساء والوزراء مراعاة مشاعر الاردنيين واحترام حقهم في حكومات حقيقية ورؤساء من الوزن الثقيل وان يتوقف مسلسل رؤساء ووزراء الصدفة او الظروف الطارئة او من تاتي بهم حسابات التحالفات والصداقات ومعادلات امور اخرى.
ادنى حقوقي كاردني ان يتم الاختيار بعد تعب ووفق لائحة اسس واضحة ذات مواصفات عالية , لان غياب هذا الامر مرة بعد مرة افقد مؤسسة الحكومة جزءا من مكانتها السياسية والشعبية , فاختيار مدرب للمنتخب الوطني يتم وفق اسس وبعد تفكير كبير فكيف عندما يكون الامر خاصا بفريق وزاري .
من حقي كاردني ان لااجد رئيس حكومة يتحدث في لقاءات عامة وصحفية انه قبل لحظات من تكليفه لم يخطر على باله انه سيكون رئيسا وايضا لم يخطر على بال ملايين الاردنيين ذلك , ومن حقنا كاردنيين ان يكون أي رئيس حكومة ياتي يمتلك خبرة سياسية كبيرة وان يكون صاحب راي سياسي وراي يقول نعم في وقتها ولا في وقتها , لا ان نجد رؤساء امضوا مدتهم مندهشين من وجودهم في الموقع وكانت الولاية العامة عند جهات تنفيذ1ية اخرى , او ان نجد رئيسا يتحد ث للاعلام انه لم يكن مطلعا على تفاصيل ادارة انتخابات نيابية وكانه مدير المركز الوطني لحقوق الانسان وليس رئيس حكومة .
من حق الاردنيين ان يتوقف مسلسل صناعة الوزراء بالوراثة او ان ياتي كل رئيس او كل صاحب نفوذ في التشكيل بمن هم محسوبون عليه حتى لو كانوا عاديين في قدراتهم وهناك الالاف من اصحاب الكفاءات لم يصلوا الى موقع امين عام بينما يقفز شخص عادي من شركته او شركة سياسي متنفذ او من مكتبه الخاص ليكون وزيرا دون خبرة او دراية بالشان العام متناسين ان الوزير شخص سياسي وله وزن وطني وان التوزير صناعة نخبة وتكليف بامانة ادارة البلاد والعباد وليس صفقة او دعوة على عشاء او وظيفة, ومتناسين احيانا ان الرئيس هو صاحب الامر بموجب الدستور وليس شخصا يحق له استعمال سيارات الحكومة وتقاضي امتيازات الرئيس عاما او عامين .
من حق الاردني ومن ادنى قواعد احترامه ان لايندهش سلبا كلما ظهرت حكومة جديدة , وان لايكون ساحة لتجريب الاشخاص متواضعي الخبرات الذين ياتون ويذهبون لكن تعاقب التجارب المتواضعة يترك اثارا كبيرة على الدولة , ومن احترام الدولة للاردني ان يعود للموقع الوزاري من اعلى هرم الحكومة حتى ادناه قيمته السياسية والوطنية , وان يكون قدوم شخص الى الموقع مصدر فرح للاردنيين يعزز ثقتهم بدولنهم لا ان يكون السؤال مكررا عن الاشخاص " وين كان ؟ , او " مين جابوا " او ان يكون رد الفعل " اول مرة بنسمع فيه " .
اعلى مستويات النخبة هي الطواقم الحكومية ومن حقنا كاردنيين ان تكون ماكينة صناعة النخبة وفق معادلة منتظمة ووفق مواصفات واضحة وعالية الجودة , لا ان تكون الدهشة السلبية مرافقة لكل رئيس او حكومة جديدة .
احلام متواضعة اقل من المطالبة بالية سياسية لتشكيل الحكومات , لكنها احلام يمكن ان تكون ضمن بند حقوق الانسان , وهي ان تحكمنا حكومات قادرة ورؤساء ياتون ومعهم القناعة بانهم ايسوا موظفين كبار برتبة وزير او رئيس , وهي احلام نعتقد انها جزء اصيل من الاصلاح السياسي والاجتماعي وجزء من العقد الاجتماعي بين الاردني ودولته.
الغد.