الحديث عن واقع الاداء الاعلامي الاردني, والدروس الاعلامية المستفادة بعد احداث السلط والفحيص. يؤكد على أن مرحلة جديدة لا بد وأن يشهدها الاعلام الاردني والذي سيعكس بالضرورة مبادىء قانون حق الحصول على المعلومة , واعتبار المعرفة ضرورة اساسية لبناء شراكة وثقة متبادلة بين المواطن ومؤسات الوطن .
إن دور الاعلام في نقل المعرفة والمعلومة يقتضي من وسائل الاعلام التفاعل ضمن اطار سياسات واستراتيجيات وتعليمات واضحة تفتح المجال امام الاعلامي التعاطي مع الاحداث وبشكل مباشر سواء كان رسميا او خاص , بحيث لا يتعدى الاعلامي حدود المصلحة العليا للوطن ,فالمصلحة العليا تقتضي احيانا عدم الافصاح وخاصة في العمليات العسكرية الامنية المتعلقة بمصير الوطن . لكن وضع المواطن بمجمل صورة الواقع اصبح فرض عين على وسائل الاعلام لمواجهة اخطر تبعات الاشاعة والمشيعيين .
جميعنا يدرك بأن مناخ الاشاعة ينموا ويتطور ويصبح ككرة الثلج عندما تغيب المعلومة وتحجب التصريحات من المصادر الرسمية (الموثوقة)التي تطمئن المواطن وتشاركه المعلومة عن الاحداث اولا بأول وبالتالي خلق جو مفتوح وشفافية يشكل لديه حاجزا قويا يحد من الاشاعة ويوقف انتشارها , ويصد محاولات البعض استغلالها لفرض فوضى وخلخلة في المشاعر العامة للناس ومنه في المجتمع .
إن تعزيز دور ادوات الاعلام وتقديم الاعلام الرسمي , او الاقرب للجهات الرسمية ليكون لاكثر مشاركة لنقل الواقع الابرز في مثل هذه الاحداث , هو الاكثر شيوعا في مدارس الاعلام الملتزمة والمجتمعات التي تسير نحو التطور , حتى والديمقراطية تختار مؤسسة بعينها تكون هي الاقرب لبث المعلومة والتنفيس عنها والتعامل مع المجتمع بخلطته السياسية والشعبية . غير أن هذا الاختيار والامتياز يتطلب شروط مهمة لا بد من توفرها في الوسيلة الاعلامية المختارة كالمهارة والقدرة والكفاءة والسرعة والموضوعية والاقناع.
من الطبيعي ان نكون قد استفدنا من تجاربنا الاعلامية السابقة وطريقة ادارة الازمات التي لم تكن عند المستوى المطلوب بكل معانيها لتكون تجربتنا الجديدة تجربة عبرت عن دور الاعلام والاستفادة من اخطاء الماضي .
إن ادارة الازمات الناجحة تكمن في حسن توزيع الادوار وتناغمها والعمل جميعا ضمن خلية توزع المهام وتعطي الاوامر والتنسيبات بعد دراسة كل المعطيات وابعادها على ارض الواقع , ويعتبر الاعلام في ادارة الازمات الرديف الاقوى الذي يقوم بدور توجيه اراء الناس ويضبط مشاعر المشاهدين والمستمعين , ويعزز الثقة بالاجهزة التي تتعامل مباشرة مع الاحداث والمردوفة بنتائج وتقدم ايجابي .
نعم نقر ان هناك اداء متطور في ادارة هذه الازمة وان الاعلام أدى دوره بشكل ايجابي رغم وجود بعض الاخلالات التي تكمن في الاستضافات المدنية لقضية عسكرية بحته , والغوص بتحليلات لا علاقة بتوقيت الحدث وموضوعه ولا تشكل مصدر ثقة عند الناس مقارنة بالنجاح عند استضافة متقاعد أو خبير استراتيجي , او رجل امن مشهود له بالكفاءة .
فالاساس اثناء هذه العملية ان تكون التصريحات مجرد وصف عام لما يحدث وواقع التعامل مع الارهابيين بالطرق العسكرية المتقدمة والحصار الشامل للمجموعة , والذي من شأنه اصابتهم بحالة الهلع وعدم التوازن والذي ينقلهم الى سلوكيات تسهل على القوات المقتحمة القبض عليهم .على ان تأتي التحليلالات السياسية وغيرها بعد انتهاء العملية .
بالمجمل نجح الاعلام الرسمي بالتناغم مع اعضاء خلية ادارة الازمة في ابقاء المعلومة ضمن اطار المطلوب دون تفاصيل وإجراءات حتى تم الانتهاء من العملية وتصفية الارهابيين والقبض على ما تبقى , ليصار بعدها لعقد مؤتمر صحفي يتحدث عن التفاصيل وابعادها بحيث تولى المسؤول المعنيين جانبا من هذه التفاصيل , كمديري الامن العام وقوات الدرك وتحدثا حول دورهم المهني مطئنين الناس بكفاءة واستعداد قواتهم للتعامل مع أي عملية ارهابية نظرا للجاهزية والكفاءة . بينما يتحدث وزير الاعلام عن ابعاد هذه العملية على المستويين المحلي والخارجي وأنعكاس ذلك سياسيا واقتصاديا ومواقف الجمع الدولي جنبا الى جنب متانة الجبهة الاردنية الداخلية. والاختتام بالحديث عن ثوابت الوطن ومواقفة التي دفعت بالارهابين لاستقصاد الأردن .
وزيرة الاعلام التي يجب أن تكون قائدة المؤتمر وموجهه , ولديها اهداف تريد تحقيقها على المستويات المحلية والاقليمة والدولية , و للارهابين لا بد وان تطلقها , من خلالها و من خلال ضيوفها على الطاولة , فمثل هذه المؤتمرات مهمة لتعزيز مفاهيم الولاء والانتماء الوطني من خلال ترجمة الشعور الى سلوك وممارسة وتعميق ابجديات الانتماء , والذي عبر فيه الشهداء بالتضحية بارواحهم . فتعميق الجرعة الوطنية تعتبر علاج ناجع ضد الفكر التطرفي الذي يشتهر به الارهابيون .
نحن ما زلنا بحاجة الى تطوير الاداء الاعلامي بمزيد من الحرية والانفتاح وترجمة حقوق المواطنين بالحصول عى المعلومة , اداء يشعر به الاعلامي انه في حاضنة الابداع والابتكار والاجتهاد وليس الموظف الذي تنتهي مسؤوليته بساعات الدوام , أو أن مسؤوليته تنتهي , بالانتهاء مما يصله من واجبات ؟ ما زلنا بحاجة إلى برامج التأهيل والتدريب والاستفادة من التجارب العالمية والخبرات الدولية . اعلام يحتاج لوضع معايير قياسية لمفهوم الحرية الاعلامية و تعزيزالموضوعية والاستقصاء ؟.
التنافس الاعلامي مهم اذا كان الهدف النهوض بمستوى الادا وتطور المنتج الاعلامي , وهذا يشير ان على الحكومة الاعتناء اكثر بالناطقين الاعلاميين بنفس الوقت الاعلاميين في كل المؤسسات العامة والخاصة الاداء الإعلام الاردني وسياساته تحتاج الى الكثير الكثير من العامل خاصة وان نسبة جيدة من الاعلامين الذين اخبرهم على مدار 30 سنة لديهم الامكانيات والكفاءات ما يقدموا لمسيرة التطور.