تلفزيون المملكة وقناة المملكة
د. فرحان عليمات
16-08-2018 11:03 AM
بدأ التلفزيون الأردني بثه في عام 1968 بالأبيض والأسود ، وشكّل علامة فارقة في المشهد الإعلامي العربي منذ تأسيسه وحتى بداية التسعينات من القرن الماضي، حتى بدأت الفضائيات التلفزيونية العربية والعالمية بثها عبر الاقمار الصناعية، و قبل ذلك انحصرت خيارات المشاهد الأردني في شاشته الوطنية، أو في عدد قليل من الشاشات المجاورة التي كانت تصل عبر الهوائي أو ما يسمى بالـعامية (شبكة) وكنّا في الشمال نلتقط بث التلفزيون السوري، وبث قناة تلفزيون دولة الاحتلال الاسرائيلي، وفي الجنوب التلفزيون السعودي.
قدّم التلفزيون الأردني في فترته الذهبية وقبل ظهور الستلايت رسالة صادقة وواضحة ومهنية قام عليها نخبة من الإعلاميين المميزين، وكان محط جذب للمشاهد الأردني، أو لمن يستقبل إشارته أو إنتاجه الدرامي من الدول العربية، ورفد مسيرة الإعلام العربي بكوكبة من الإعلاميين القادرين والمحترفين، كان فيما بعد أن استثمرتهم القنوات الفضائية العربية مجرد ظهور الستلايت، إذ ظهرت القنوات الاخبارية ورصدت الملايين من الدولارات للإستحواذ على المشاهد ولبت معظم احتياجاته من برامج حوارية وإخبارية وبث مباشر وتحليل مباشر للاحداث.
أمّا القنوات الفضائية العربية الترفيهية فقامت ببث الدراما العربية من مختلف اقطارالوطن العربي، إضافة إلى الدراما العالمية كالتركية، والهندية، والغربية، و حققت تلك القنوات اخبارية ام ترفيهية وظائف الاتصال الجماهيري المتمثل في الاخبار، والإعلام، والاقناع، والاستمالة، والتربية والتعليم، والتنشئة الاجتماعية، والإعلان، والتسلية، والترفيه،
والتحفيز، والمناقشة.
في ظل تلك الظروف ظهر تراجع التلفزيون الأردني واضحا ،اذ تمثل بعدم قدرته على مجاراة واقع الإعلام العربي التلفزيوني الفضائي الجديد لا ماليا ولا مهنيا، عزز ذلك حصار على انتاج التلفزيون الاردني لتداعيات سياسية نتيجة للغزو العراقي على الكويت ، رافق ذلك انخفاض حصتة من المشاهدة، و اتجاه المواطن نحو الفضائيات العربية، في ضوء كل ذلك أدركت الدولة الأردنية ما آل إليه وضع التلفزيون الأردني، فكان القرار بإنشاء قناة المملكة التي بدأ بثها في الشهر الماضي.
في المسيرة القليلة من بث قناة المملكة تبدو الإرادة واضحة لإنجاح هذه القناة ،وأن تكون قناة أردنية مميزة تنافس القنوات العربية وتحديدا الإخبارية، إذ تمّ ضخ ملايين الدنانير لإنجاحها، وتم تزويدها بعدد كبير من العاملين المهنيين في مجال الإعلام، ويبدو أنهّا ستحقق نجاحات على المستوى المحلي أكثر منه على المستوى العربي والإقليمي، إذ تقوم بتغطية ناجحة وفاعلة لمعظم النشاطات والفعاليات والمشاكل والهموم التي تواجه المواطن الأردني مدعومة بارادة سياسية لانجاحها.
وتبدو الإشكالية الآن واضحة من وجود التلفزيون الأردني وقناة المملكة معا ،فعلى الدولة الأردنية إجراء دراسات علمية لمعرفة مدى ونسبة مشاهدة المواطن للتلفزيون الأردني وما مدى اثر وتاثير رسالته، وبعد ذلك يكون القرار إمّا بالاستمرارية وتقديم الدعم له ورفع معنويات العاملين فيه، أو تحويله الى فضائية للدراما وإتاحت الشأن المحلي و الإخباري لقناة المملكة ،وبخلاف ذلك فالافضل اغلاقه.