اعتذار هذا .. أم اعتراف؟!
ماهر ابو طير
16-08-2018 10:30 AM
يكتب السفير الاردني الاسبق لدى اسرائيل د مروان المعشر، مطالبا باتخاذ اجراءات ضد اسرائيل، في وجه مايعتبره مؤامرة اسرائيلية ضد الاردن، بشراكة مع واشنطن، تحت مايسمى صفقة القرن.
يقترح المعشر، خطة من عدة نقاط، اذ يطالب بوقف التطبيع مع اسرائيل، ووقف اتفاقية استيراد الغاز المنهوب اسرائيليا من فلسطين، اضافة الى عدم تأجير الباقورة، ووقف التنسيق السياسي والامني مع اسرائيل، اضافة الى افكار اخرى، تتمحور حول الحاجة الى هكذا اجراءات، مادامت اسرائيل تتآمر على الاردن، وعلى القدس.
لايريد احد مس دوافع المعشر، اذ ان هذه شجاعة تحسب له، ويستحق عليها التقدير من حيث المبدأ، خصوصا، حين تأتي من جانب مفاوض كان من ضمن الوفد الاردني المفاوض مع الاسرائيليين، اضافة الى كونه اول سفير للاردن في اسرائيل، وقد تجاوز كل هذه الحسابات، وكتب بذهنية مفتوحة دون ادنى حساسية امام اي مآخذ قد تؤخذ ضده من جانب جهات عديدة، محرجا ايضا، كل رفاقه السابقين، من مفاوضين وانصاف مفاوضين، وممن تولوا مواقع رفيعة المستوى لاحقا، لكنه احراج مطلوب في هذا الوقت، احراج لابد ان يتواصل بكل اللغات.
هذه الاقتراحات تقودنا الى ماهو اهم اي عقد معاهدة صلح في الاساس مع الاحتلال، فقد خرجت الاف الشخصيات في الاردن، وحذرت سابقا، وقبيل المعاهدة وبعدها، مما يسمى السلام مع اسرائيل، اضافة الى تيارات سياسية وحزبية ونيابية واعلامية، وقد حوربت كل هذه التيارات، وتم اسكاتها بوسائل مختلفة، باعتبار انها تحاول تعكير صفو السلم مع الاحتلال، او تشوش على سياسة الدولة.
ربما المعشر ذاته كان في فترة ما، يدافع عن ذات المعاهدة التي يطلب اليوم، اتخاذ اجراءات ضدها، وهذا من حقه، نهاية المطاف، لكن المشهد يقودنا في الاساس، حول جدوى تلك الحرب التي شنت ضد كل مقاومي التطبيع، ورافضي معاهدة السلام.
الذين كانوا يقولون علنا، ان لاجدوى من مصالحة احتلال، وان التذرع بمكاسب من الامن والاستقرار، والقبول الدولي، والتبشير بالمكاسب الاقتصادية، وملف المياه، وغير ذلك، يعد تذرعا سطحيا، ومجرد افشاء للوهم داخل الاردن.
لقد ثبت بعد كل هذه العقود، ان هؤلاء كانوا على حق، ومازالو على حق، وان من شنوا الحملات لصالح التطبيع مع اسرائيل، ولصالح المعاهدة، كانوا على باطل، ولم نكن بحاجة في الاساس، الى مداخلة المعشر، لنقول اننا نعرف منذ المعاهدة، وما قبلها وما بعدها، ان العلاقة مع اسرائيل، لا يمكن ان تكون آمنة، فهذا احتلال يريد ايذاء الاردن ايضا، ولن يقبل ان يكون الاردن مستقرا، او آمنا، الا لمرحلة محددة، هذا فوق تصدير ازماته الى الاردن، بطرق مختلفة، وما يخفيه اساسا من تطلعات.
خرج المعشر، اول سفير اردني مع اسرائيل، عبر مرافعته هذه ربما ليقول ضمنيا، ان المعاهدة في الاساس كانت خطأ، وهذا استبصار متأخر، لكنه من حقه نهاية المطاف، فأين بقية السياسيين في الاردن، الذين كانوا طرفا في تلك المرحلة وصدّعوا رؤوسنا، باستعادة المياه، والارض، وتحقيق السلم والامان، وهل يمكن اعتبارهم بمثابة طرف ادى مهمته، دون حسابات استراتيجية، كان يعرفها كل اولئك الذين كانوا خارج المشهد الرسمي، وكانوا يعترضون على فكرة مصالحة الاحتلال؟.
وحده المعشر، يعرف اذا ما كانت اقتراحاته تعني اعترافا متأخرا بخطأ مصالحة الاحتلال، ام ان وراء السطور، اعتذار عما جرى، ام توتر امام خطر يهدد الاردن وفلسطين، وهل كنا بحاجة الى كل هذا الوقت منذ عام 1994 حتى نخرج بوصفة، ضد اسرائيل، كنا في غنى عنها اساسا؟.
يستحق كل الذين وقفوا ضد الاحتلال، والمعاهدة، والتطبيع، اعتذارا اليوم، اعتذار يقدمه كل الذين روجوا لاهمية السلام مع اسرائيل، وشاركوا في المفاوضات، ووقفوا بكل الطرق ضد كل صوت، اشهر رأيه لله اولا، ثم من اجل مصلحة الاردن، وفلسطين، وهذه المنطقة.
يبقى السؤال: هل كنتم تظنون يوما، ان اسرائيل لا تتآمر على الاردن، ولن تتآمر عليه، والسؤال نفرده على بساطة الاستغراب بشدة، امام كل اولئك الذي يقولون فعليا، انهم اكتشفوا حقيقة اسرائيل، بشكل متأخر وبعد فوات الاوان؟!.
الدستور