مآل “الحرب التجارية” بين تركيا والولايات المتحدة
16-08-2018 02:43 AM
عمون - خاص - أجواء مشحونة بالتوتر تعيشها العلاقات الأمريكية – التركية. فبعد فشل المفاوضات حول إطلاق سراح القس الأمريكي، أندرو برانسون، المعتقل في أنقرة، فرضت وزارة الخارجية الأمريكية عقوبات على تركيا. وقد رفعت الأخيرة الرسوم الجمركية على بعض المنتجات التي تستوردها من الولايات المتحدة، وذلك رداً على الإجراء الأمريكي المماثل.
وبالرغم من أن الليرة التركية بدأت تتعافى، إلا أنها شهدت انخفاضاً كبيراً الإثنين، مسجلة أرقاماً قياسية جديدة مقابل الدولار واليورو. حيث ذكرت صحيفة “الفايننشال تايمز” البريطانية أن أداء الليرة التركية، كان الأسوأ في العالم ما بين أغلب العملات، حيث خسرت أكثر من 40% من قيمتها منذ بداية العام.
وقد حذر الرئيس التركي رجب طيب أروغان، في مقال له نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، واشنطن من المخاطرة بعلاقاتها مع أنقرة، لافتاً إلى أن “الفشل في التراجع عن هذا التوجه أحادي الجانب والذي يفتقد إلى الاحترام سيدفعنا إلى البحث عن أصدقاء وحلفاء جدد”.
— غاري هوفباور
من جهته، رأى غاري هوفباور، الخبير في معهد “بيترسون” للإقتصاد الدولي في الولايات المتحدة، والمسؤول السابق في الخزانة الأمريكية أن الإقتصاد التركي سيتدهور أكثر.
وقال هوفباور لـ”شرق وغرب“ اللندني: الولايات المتحدة وتركيا دخلتا “حرباً اقتصادية”، نتُجت عن عقوبات اقتصادية أمريكية من خلال رفع التعرفة الجمركية على واردات الولايات المتحدة من الفولاذ من تركيا.
وأضاف: نظراً إلى السياسات الاقتصادية التركية “الطائشة” (ديون الدولار واليورو المفرطة والائتمان الميسر وأسعار الفائدة المنخفضة والتضخم المرتفع) تسببت تلك العقوبات في انهيار الليرة التركية، مشيراً إلى أن تأثيرها انتقل إلى الهند والصين، كما تُذكّر المحافظ الوقائية الأحداث التي حصلت قبل 20 عاماً عندما انهار البات التايلندي.
ونوّه هوفباور إلى أنه كان يتوقع من الرئيس أردوغان أن يفرج عن القس الأمريكي وبعض السجناء السياسيين الآخرين، ولكنه لايزال مصراً على موقفه، متابعاً: سيتدهور الاقتصاد التركي أكثر، وقريباً ستتوقف الشركات التركية عن سداد ديونها الصادرة بالدولار واليورو، لافتاً إلى أنه إذا لم تكن الضوابط الرأسمالية قد فُرِضَت بالفعل، فستفرض قريباً.
ورأى أنه من المحتمل أن تغلق تركيا القاعدة العسكرية الأمريكية، خاتماً بالقول: في ظل المسار السياسي الحالي ستزداد الأمور سوءً قبل اتخاذ القرار المناسب – ليس فقط في تركيا، وإنما في البلدان النامية المختلفة.
— أحمد أويصال
من جهة أخرى، قال البروفيسور أحمد أويصال، رئيس مركز أورصام في أنقرة، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة إسطنبول ان الحرب التجارية بين تركيا وأمريكا ليست فريدة من نوعها، وذلك لأن أمريكا تحارب الجميع تقريباً، كأوروبا، وروسيا، والصين، والمكسيك، وغيرها.
وأضاف البروفيسور أويصال لـ”شرق وغرب“ اللندني، ان سبب هجوم الولايات المتحدة على تركيا يكمن في الإستقلالية التركية في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن أمريكا، وترامب بشكل خاص، بالإضافة إلى النظام الغربي، لا يريدون أية دولة مسلمة أن تكون قوية ومستقلة.
وتابع: هم يستهدفون تركيا بالقوة، ولكن تركيا قوية بسياستها واقتصادها، وقد جرت انتخابات سابقة ناجحة، الشيء الذي يدل على أن هناك شرعية قوية لحكومة وإدارة الرئيس أردوغان، لافتاً إلى أن الإقتصاد التركي ينمو ويزدهر بالإنتاج، والسياحة، والقطاعات المختلفة.
وأكد أن تركيا لن تركع لتهديدات أمريكا وغيرها، موضحاً أن الولايات المتحدة لن تريد أن تخسر تركيا كدولة محورية. فتركيا موجودة في كل ملفات المنطقة. وإن أرادوا أن يخسروا تركيا، فهذا سيحسب عليهم، وليس لهم. وذلك لأن حساباتهم الخاطئة في الشرق الأوسط ودول الجوار ستؤثر سلباً عليهم، وهم يعرفون أهمية تركيا.
وخلص بالقول: سيحاولون الضغط على تركيا لإضعافها بالسياسات والمحاولات الإنقلابية، ولكن لن يستطيعوا حشر تركيا بالجدار لتغيير المحور. وأعتقد أن العلاقات التركية – الأمريكية قد تستمر بشكل متزن بعد هذا الوقت.
*تقرير أعده "شرق وغرب" اللندني وينشر بالتزامن في عمون